أن يعامل صفية كنوع من الرقيق فيتخذها لنفسه جارية دونما أخذ موافقهتا؛ لأنها أسيرة حرب تعتبر مملوكة بموجب قانون الحرب الدولي المعمول به في ذلك العصر، ولكن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تكريمًا لهذه السيدة العظيمة في قومها أبى إلا أن يخصها من بين جميع السبايا بإعطائها مطلق الحرية في أن تختار أي السبيلين تريد بمحض إرادتها العودة إلى عشيرتها مع البقاء على دينها، أو الدخول في الإسلام لتكون زوجة للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، لا فرق بينها وبين ابنة أبي بكر الصديق في الحقوق والواجبات، فاختارت الزواج بمحض اختيارها. وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يبالغ في إكرام هذه السيدة ويراعي شعورها لعلمه بما هي عليه من حسياسة وشعور مرهف كامرأة عزيزة في قومها فقدت الوالد والزوج وكلاهما عزيز على قومه، حتى كانت صفية -رضي اللَّه عنها- تتحدث عن هذه المعاملة النبيلة والمواساة النابعة من أشرف قلب.
ولعل من أسباب اصطفائه لها أن مثلها في السبايا قليل، فإذا صارت لرجل آخر لعل الآخر يغضب، فقطع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وسد الباب بذلك، وهكذا يتضح نبل القصد وشرف الغاية في كل عمل يعمله النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وصحابته الكرام، كما تنكشف أمام أضواء هذه الحقيقة المشرقة الناصعة خبث نوايا وسوء قصد الذين يفسرون تزوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بصفية ذلك التفسير المقصود به الطعن في مقام الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، حيث يرون أنه تزوجها لمجرد الشهوة والمتعة، وهذا عجب لأن المسلمات كثير ويتمنين ذلك، فكأن المتكلم يرى أن ليس في المجتمع الإسلامي امرأة تصلح للزواج حتى جاءت -رضي اللَّه عنها-! ! .
الزوجة الحادية عشرة: ميمونة بنت الحارث -رضي اللَّه عنها-.
* هذه السيدة المباركة تزوجت قبل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رجلين:
الأول منهما: ابن عبد ياليل الثقفي مات عنها أو فارقها، والثاني: أبو رهم بن عبد العزى ومات عنها.
* تزوجها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهي آخر زوجاته -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يتزوج بعدها.
* تزوجها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سنة سبع من الهجرة، قالت عنها السيدة عائشة -رضي اللَّه عنها-: أَمَا إنها كانت من أتقانا للَّه وأوصلنا للرحم.