للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرابع: أنَّ (إِنْ) بمعنى: (إذ) كقوله تعالى: {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [النور: ٣٣] (١).

قال الشوكاني: والتقييد بالمشيئة عائد إلى الأمن، ولا مانع من عوده إلى الجميع؛ لأن دخولهم لا يكون إلا بمشيئة الله سبحانه، كما أنهم لا يكونون آمنين إلّا بمشيئته (٢).

[الوجه الثالث: قال لهم ذلك بعدما دخلوا عليه.]

ما المانع أن يكون قال لهم بعدما دخلوا عليه وآواهم إليه: {ادْخُلُوا مِصْرَ} وضمَّنه: اسكنوا مصر: {إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} أي: مما كنتم فيه من الجهد والقحط (٣).

[الوجه الرابع: أن يوسف - عليه السلام - تلقاهم قبل دخولهم مصر.]

إن يعقوب إنما دخل على يوسف هو وولده، وآوى يوسف أبويه إليه قبل دخول مصر، قالوا: وذلك أن يوسف تلقَّى أباه تكرمةً له قبل أن يدخل مصر، فآواه إليه، ثم قال له ولمن معه: {ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} بها قبل الدخول، وقال السُّدي: فحملوا إليه أهلهم وعيالهم، فلما بلغوا مصر، كلَّم يوسف الملك الذي فوقه، فخرج هو والملوك يتلقَّونهم، فلما بلغوا مصر قال: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (٩٩)} (٤).

الوجه الخامس: تعلقت المشيئة بالدخول مكيفًا بالأمن.

ويجوز أن يكون قد خرج في قبة من قباب الملوك التي تحمل على البغال، فأمر أن يرفع إليه أبواه، فدخلا عليه القبة، فآواهما إليه بالضم والاعتناق وقرّبهما منه، وقال بعد ذلك: ادخلوا مصر، فإن قلت: بم تعلقت المشيئة؟ قلت: بالدخول مكيفًا بالأمن، لأن القصد إلى اتصافهم


(١) تفسير البغوي (٤/ ٢٧٩).
(٢) فتح القدير (٣/ ٧٨).
(٣) تفسير ابن كثير (٨/ ٧٣).
(٤) تفسير الطبري (١٣/ ٦٦) من طريق عمرو. تفسير ابن أبي حاتم (١١٩٨٦) من طريق عامر، كلاهما (عمرو، عامر) عن أسباط عن السدي به، فيه أسباط بن نصر: صدوق كثير الخطأ يُغرب (التقريب ١/ ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>