للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الرواية واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار أنَّها مرسلة لأن الزهري قطعًا لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -.

إذن فهي لا يحتج بها أيضًا على مثل هذه الشبهة بل نحن نحتج بها على هؤلاء المتهِمين لنبينا- صلى الله عليه وسلم - ويرمونه بهذه الفرية الكاذبة وذلك لما يأتي: -

١ - الرواية المرسلة هذه تؤكد أن لفظ (فيما بلغنا) من كلام الزهري وليس من كلام غيره لأن سندها صحيح إلى الزهري.

٢ - ترفع الشبهة عن صحيح البخاري بأنه أخرج مثل هذه الرواية الضعيفة وكما بينا أن البخاري أخرجها وأوضح علتها وأنه لم يخرجها إلا في موضع واحد بينما أخرج حديث بدء الوحي في عدة مواضع عن الزهري بدونها.

[الطريق الثالث للرواية]

نص الرواية الثالثة التي ذكرت القصة محل الشبهة:

قال الطبري (١): حدثني أحمد بن عثمان المعروف بأبي الجوزاء، قال حدثنا وهب بن جرير، قال حدثنا أبي، قال سمعت النعمان بن راشد يحدث عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أنَّها قالت: كان أول ما ابتدئ به رسول - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصادقة، كانت تجئ مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، فكان بغار بحراء يتحنث فيه الليالي ذوات العدد قبل أن يرجع إلى أهله، ثم يرجع إلى أهله فيتزود لمثلها حتى فجأه الحق، فأتاه، فقال يا محمد أنت رسول الله، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجثوت لركبتي وأنا قائم، ثم زحفت ترجف بوادري، ثم دخلت على خديجة؛ فقلت زملوني، زملوني! حتى ذهب عني الروع ثم أتاني فقال يا محمد أنت رسول الله، قال: فلقد هممت أن أطرح نفسي من حالق من جبل، فتبدى لي حين هممت بذلك، فقال يا محمد أنا جبريل، وأنت رسول الله. ثم قال: اقرأ، قلت: ما اقرأ؟ قال: فأخذني فغتني ثلاث مرات، حتى بلغ منى الجهد، ثم قال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ


(١) تاريخ الطبري (١/ ٥٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>