للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: {انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٩) انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (٣٠) لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (٣١)} (المرسلات ٢٩: ٣١).

قال ابن قتيبة: و (الظل) هاهنا: ظل من دخان نار جهنم سطع، ثم افترق ثلاث فرق، وكذلك شأن الدُّخان العظيم إذا ارتفع أن يتشعب (١).

ووصف اللَّه هذا الظل فقال: {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (٤١) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (٤٤)} (الواقعة: ٤١ - ٤٤).

وفي الدنيا أيضًا نرى للنار ظلًا إذا كانت تشتعل في الظلام، فأصبح في هذه الحالة أن هناك ظلين: ظل النار، والليل (المخيم على هذه النار) يعتبر ظلًا.

قال تعالى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (١٧)} (البقرة: ١٧).

[٢ - ظل الأشياء في وجود أشعة الشمس أو في عدم وجودها]

قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (٤٨)} (النحل: ٤٨).

قال الأزهري: تفيؤ الظلال رجوعها بعد انتصاف النهار، فالتفيؤ لا يكون إلا بالعشي بعدما انصرفت عنه الشمس، والظل ما يكون بالغداة، وهو ما لم تنله الشمس كما قال الشاعر:

فلا الظل من برد الضحى تستطيعه ... ولا الفيء من برد العشي تذوق.

قال ابن الجوزي: قوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ} أراد من شيء له ظل، من جبل، أو شجر، أو جسم قائم. {ظِلَالُهُ} وهو جمع ظل، وإِنما جمع وهو مضاف إِلى واحد؛ لأنه واحدٌ يُراد به الكثرة كقوله تعالى: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} (الزخرف: ١٣).


(١) زاد المسير ٦/ ١١٠ (المرسلات).

<<  <  ج: ص:  >  >>