للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن العربي: والقراءة الشاذة لا ينبني عليها حكم؛ لأنه لم يثبت لها أصل (١).

وقال أبو الوليد الباجي: القرآن لا يثبت إلا بالخبر المتواتر، وأما خبر الآحاد فلا يثبت به القرآن، وإذا لم يثبت بمثله قرآن؛ فمن مذهبنا أن من ادعى فيه أنه قرآن وتضمن حكمًا، فإنه لا يثبت ذلك الحكم إلا أن يثبت بما يثبت به القرآن من الخبر المتواتر؛ لأن ذلك الحكم ثبوته فرع عن ثبوت الخبر قرآنًا. (٢)

وقال ابن حزم: في معرض الرد على من قال: إن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر: من العجب احتجاجكم بهذه الزيادة - يعني زيادة صلاة العصر - التي أنتم مجمعون معنا على أنها لا يحل لأحد أن يقرأ بها - ولا أن يكتبها في مصحفه، وفي هذا بيان أنها روايات لا تقوم بها حجة. (٣)

وقال الشوكاني: لكونه كلام الرب سبحانه، وكونه مشتملًا على الأحكام الشرعية، وكونه معجزًا، وما كان كذلك فلا بد أن يتواتر، فما لم يتواتر، فليس بقرآن. هكذا قرر أهل الأصول التواتر، وقد ادعي تواتر كل واحدة من القراءات السبع، ثم ذكرها وادعى أيضًا تواتر القراءات العشر وذكرها، ثم قال: وليس على ذلك أثارة من علم؛ فإن هذه القراءات كل واحدة منها منقولة نقلًا آحاديًا كما يعرف ذلك من يعرف أسانيد هؤلاء القراء لقراءاتهم، وقد نقل جماعة من القراء الإجماع على أن في هذه القراءات ما هو متواتر، وفيها ما هو آحاد، ولم يقل أحد منهم بتواتر كل واحدة من السبع فضلًا عن العشر، وإنما هو قول قاله بعض أهل الأصول، وأهل الفن أخبر بفنهم (٤).

[تعقيب]

تعقب جمال الدين الإسنوي الجويني والنووي وغيرهما ممن نقل أن الشافعي لا يحتج بالقراءة الشاذة، فقال: وما قالوه جميعه خلاف مذهب الشافعي وخلاف قول جمهور أصحابه، فقد نص الشافعي في موضعين من مختصر البويطي على أنها حجة، ذكر ذلك في


(١) أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٧٩).
(٢) المنتقي شرح الموطأ للباجي (٦/ ٢٢).
(٣) المحلى (٤/ ٢٥٥).
(٤) إرشاد الفحول (٣٠ - ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>