للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١١ - شبهة: أتى بضمير المفرد للعائد على المثنى.]

نص الشبهة: جاء في سورة التوبة الآية ٦٢: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (٦٢) فلماذا لم يُثَنَّ الضمير العائد على الاثنين: لفظ الجلالة (اللَّه)، ورسوله؛ فيقول: أن يرضوهما؟

والرد على ذلك من وجوه:

[الوجه الأول: العرب ينسبون الفعل لأحد اثنين وهو لكليهما.]

قال ابن الجوزي: (١) العرب ينسبون الفعل إلى اثنين وهو لأحدهما: {نَسِيَا حُوتَهُمَا} (الكهف: ٦١)، {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ} (الرحمن: ٢٢)، وينسبون الفعل إلى أحد اثنين وهو لهما: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ}، {انْفَضُّوا إِلَيْهَا} (الجمعة: ١١)، وينسبون الفعل إلى جماعة وهو لواحد: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا} (البقرة: ٧٢).

نسبة الفعل إلى أَحد اثنين وهو لهما:

قال الشاعر (وهو حسان بن ثابت):

إنَّ شَرْخَ الشباب والشَّعرَ الأسودَ ... ما لم يُعاصَ كان جنونا. (٢)

وقال آخر:

نحنُ بما عندَنا وأنت بما عندكَ ... راضٍ والرأيُ مختلِفُ. (٣)

قال الفراء: وحَّدَ (يرضوه) ولم يقل: يرضوهما؛ لأن المعنى -واللَّه أعلم- بمنزلة قولك: ما شاء اللَّه وشئتُ؛ إنما يقصد بالمشيئة قصدُ الثاني، وقوله: (ما شاء اللَّه) تعظيم للَّه


(١) المدهش لابن الجوزي ص ٣٧، وانظر كذلك المزهر للسيوطي ١/ ٢٦٤.
(٢) نسبه الفراء في معاني القرآن لحسان بن ثابت ١/ ٤٤٥. الشَّرْخُ في البيت تمامُ الشباب يقول: إن مُوهةَ الشبابِ وسوادَ الشعرِ داعيانِ إلى ما يُشْبِهُ الجُنونَ. انظر المخصص لابن سيده ١/ ٦١. وعاصَ يَعاصُ عياصًا وعَوَصًا: صَعُبَ والشيءُ: اشْتَدَّ، القاموس المحيط للفيروزآبادي ص ٨٠٥.
(٣) الصاحبي في فقه اللغة لابن فارس ص ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>