للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسدي: حيث قال في تفسيرها (للمؤمنين) (١). والضحاك (٢)، وبهذا القول أكثر أهل العلم بالتفسير على أن الآية خاصة لأهل الإيمان من أهل الأرض (٣).

[الوجه الرابع: الملائكة في سورة الشورى أعم من الملائكة في سووة غافر]

أي أن حملة العرش هم المخصصون في الاستغفار للمؤمنين خاصة كما في سورة غافر، كما قال تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [غافر: ٧].

وأما في سورة الشورى فهي تتحدث عن صنف آخر وملائكة الله كثيرون، ولله ملائكة أخر يستغفرون لمن في الأرض على العموم (٤).

[الوجه الخامس: الاستغفار بمعنى طلب الهداية لهم، وليس لمغفرة ذنوبهم]

وهو أن الاستغفار من الملائكة ليس بطلب غفران الله تعالى للكفرة على أن يبقوا كفرة. وإنما استغفارهم لهم بمعنى طلب الهداية التي تؤدي إلى الغفران لهم. أي السعي فيما يستدعي المغفرة لهم وتأخير عقوبتهم طمعًا في إيمان الكافر وتوبة الفاسق. فهي في حق الكفار بواسطة طلب الإيمان لهم. وأما في حق المؤمنين فبالتجاوز عن سيئاتهم (٥).

[الوجه السادس: لا يجوز الاستغفار للمشركين إذا ماتوا على الشرك.]

والأدلة على ذلك: من القرآن:

قال تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (١١٣) وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة: ١١٣، ١١٤].

فهذه الآية متضمنة لقطع الموالاة للكفار وتحريم الاستغفار لهم والدعاء بما لا يجوز لمن كان كافرًا من بعد ما ماتوا على الشرك وعبادة الأوثان لأن الله قضى أن لا يغفر لمشرك. فإن


(١) تفسير الطبري ٢٥/ ٨.
(٢) القرطبي في تفسيره ١٦/ ٨.
(٣) تفسير الطبري في جامعه ٢٥/ ٨، الكشاف ٤/ ٢٠٩.
(٤) النكت والعيون ٥/ ١٩٣، قال: وهو الظاهر من قول الكلبي.
(٥) المحرر الوجيز ٤/ ٥٤٨، ٥/ ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>