فالمد قد يكون مدًا مطلقًا كما سيحدث للأرض يوم القيامة، وقد يكون مدًا نسبيًا كما حدث للأرض عند بداية خلقها.
الوجه العاشر: الرد على الشبهة التي تتعلق بقوله تعالى: {وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ}، وتوضيح أن للإنسان رؤية النسبية.
قال ابن القيم:
١ - فآيات الأرض أنواع كثيرة: منها تسطيحها كما قال تعالى: {وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ}، ولا ينافى ذلك كونها كرية فهي كرة في الحقيقة لها سطح يستقر عليه الحيوان. ومنها أنه جعلها فراشًا لتكون مقر الحيوان ومساكنه، وجعله قرارًا.
وجعلها مهادًا ذلولًا توطأ بالأقدام وتضرب بالمعاول والفئوس وتحمل على ظهرها الأبنية الثقال، فهي ذلول مسخرة لما يريد العبد منها.
وجعلها بساطًا وجعلها كفاتًا للأحياء تضمهم على ظهرها، وللأموات تضمهم في بطنها، وطحاها فمدها وبسطها ووسعها ودحاها، فهيأها لا يراد منها بأن أخرج منها ماءها ومرعاها، وشق فيها الأنهار، وجعل فيها السبل والفجاج.
٢ - ونبه بجعلها مهادًا وفراشًا على حكمته في جعلها ساكنة وذلك آية أخرى إذ لا دعامة تحتها تمسكها ولا علاقة فوقها، ونبه بكونها قرارًا على الحكمة في أنها لم تخلق في غاية اللين والرخاوة والدماثة فلا تمسك بناء ولا يستقر عليها الحيوان ولا الأجسام الثقيلة؛ بل جعلها بين الصلابة والدماثة (١).
الوجه الحادي عشر: الرد على الشبهة التي تتعلق بقوله تعالى: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا} (سورة النازعات: ٣٠، ٣١).
أولًا: وجه الشبه بين دحو الأرض ودحو البيض:
قال الرازي: قال أهل اللغة: في هذه اللفظة لغتان دحوت أدحو، ودحيت أدحى، ومثله: صفوت وصفيت، ولحوت العود ولحيته، وسأوت الرجل وسأيته، وبأوت عليه
(١) التبيان في أقسام القرآن (فصل في ذكر آيات الأرض ١/ ١٨٣).