للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن اللَّه أمر الرجال أن يعتزلوا النساء حال الحيض، فإذا تطهرن كان لهم الحق أن يأتوهن من موضع الإتيان الذي شرعه اللَّه، وهو الفرج حيث قال: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ}. وقد أمر اللَّه بالوطء في الفرج ولو كان الدبر مباحًا لبينه اللَّه في الآية.

الوجه الرابع: آية {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ. . .} تدل أيضًا من وجه وهو:

لو أن إتيان المرأة في دبرها مباح لبينه اللَّه حينما أمر باعتزال موضع الدم حال الحيض وكان بمثابة البديل عن الفرج في هذه المدة المحرمة، ولكن لعدم مشروعيته لم يذكره، بل ذكر أن المباح هو الفرج، وفي حال الحيضة يجب الاعتزال.

الوجه الخامس: السنة النبوية تؤكد على حرمة وطء المرأة في الدبر وترشدنا إلى المعنى الصحيح لآية {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}:

إذا تتبعنا بدقة وبفهم صحيح لكلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لوجدنا أن كل الأحاديث التي ثبتت في هذا الباب تدل على حرمة الوطء في الدبر، بل وتلعن فاعله.

فقد ثبت عن الصحابة الكرام الذين عايشوا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إنكار هذا الأمر، ولم يثبت عن أحد إباحته وما نقل عن أحد منهم خلاف ذلك وسيأتي مناقشة هذا الأمر في حينه. وإليك أيها المعترض بعض الأحاديث التي تدلك على معنى الآية الصحيح وهي قوله: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}، وسبب نزولها ليتأكد لك حرمة وطء المرأة في الدبر.

١ - عن جابر بن عبد اللَّه: أَنَّ يَهُودَ كَانَتْ تَقُولُ: إِذَا أُتِيَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا ثُمَّ حَمَلَتْ كَانَ وَلَدُهَا أَحْوَلَ. قَالَ: فَأُنْزِلَتْ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}.

وزاد مسلم في حديث النعمان عن الزهري "إِنْ شَاءَ مُجَبِّيَةً وَإِنْ شَاءَ غَيْرَ مُجَبِّيَةٍ غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي صِمَامٍ وَاحِدٍ". (١)


(١) البخاري (٤٢٥٤)، ومسلم (١٤٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>