للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان مما ألقي في روعه: سنته، وهي الحكمة التي ذكر الله، وما أنزل به عليه كتاب، فهو كتاب الله، وكل جاءه من عند الله كما أراد الله - عز وجل - (١).

والحكمة: السنة، وهو ما جاء به عن الله بغير تلاوة، ويؤيد ذلك:

قوله في قصة العسيف: "لَأَقْضِيَنَّ بَيْنكُمَا بِكِتَابِ الله" أي بوحيه (٢).

وعَنْ المقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ الكندي عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنهُ قَالَ: "أَلا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ" (٣). وفي لفظ: "أَلا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَما يعدله" (٤).

وهذا يحتمل وجهين من التأويل:

أحدهما: أن يكون معناه أنه أولى من الوحي الباطن غير المتلو، مثل ما أعطى من الظاهر المتلو.

الثاني: ويحتمل أن يكون معناه أنه أوتى الكتاب وحيًا يتلى، وأوتي من البيان، أي: أذن له أن يبين ما في الكتاب، ويعم ويخص، وأن يزيد عليه فيشرع ما ليس له في الكتاب ذكر، فيكون ذلك في وجوب الحكم، ولزوم العمل به كالظاهر المتلو من القرآن، وفي الحديث دليل على أنه حيثما ثبت الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ كان حجة بنفسه (٥).

[٤ - عصمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في التبليغ.]

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (٦٧)} [المائدة: ٦٧].


(١) الرسالة الإمام الشافعي (١٠٣).
(٢) فتح الباري ابن حجر (١٣/ ٣٠٥).
(٣) أخرجه أحمد في المسند (٤/ ١٣١)، أبو داود (٤٦٠٤)، ابن حبان (١٢)، وغيرهم. وقال الألباني: صحيح (٢٦٤٣)، من صحيح الجامع.
(٤) الطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ٢٠٩).
(٥) معالم السنن الخطابي (٤/ ٢٧٦). اقترن لفظ (الكتاب والحكمة) في كثير من الآيات، منها على سبيل المثال البقرة (١٢٩، ١٥١، ٢٣١) آل عمران (١٦٤)، النساء (١١٣)، الأحزاب (٣٤)، الجمعة (٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>