للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- تلك كانت حلقات المبارزة بالسيف والرمح، وكانت من أحب المهرجانات إليهم، فيجتمع إليها السادة وعلى رأسهم الإمبراطور أحيانًا، ليشاهدوا الرقيق يتبارزون مبارزة حقيقية، توجه فيها طعنات السيوف والرماح إلى أي مكان في الجسم بلا تحرز ولا احتياط من القتل، بل كان المرح يصل إلى أقصاه، وترتفع الحناجر بالهتاف والأكف بالتصفيق، وتنطلق الضحكات السعيدة العميقة الخالصة حين يقضي أحد المتبارزين على زميله قضاء كاملًا، فيلقيه طريحًا على الأرض فاقد الحياة!

ذلك كان الرقيق في العالم الروماني. ولا نحتاج أن نقول شيئًا عن الوضع القانوني للرقيق عندئذ، وعن حق السيد المطلق في قتله وتعذيبه واستغلاله دون أن يكون له حق الشكوى، ودون أن تكون هناك جهة تنظر في هذه الشكوى أو تعترف بها، فذلك لغو بعد كل الذي سردناه.

٣ - ولم تكن معاملة الرقيق في فارس والهند وغيرها، تختلف كثيرًا عما ذكرنا من حيث إهدار إنسانية الرقيق إهدارًا كاملًا، وتحميله بأثقل الواجبات دون إعطائه حقًا مقابلها، وإن كانت تختلف فيما بينها قليلًا أو كثيرًا في مدى قسوتها وبشاعتها. (١)

[٤ - موقف اليهود من الرقيق]

- ينقسم البشر عند اليهود إلى قسمين: بنو إسرائيل قسم، وسائر البشر قسم آخر.

فأما بنو إسرائيل فيجوز استرقاق بعضهم حسب تعاليم معينة نص عليها العهد القديم.

وأما غيرهم، فهم أجناس منحطة عند اليهود، يمكن استعبادها عن طريق التسلط والقهر، لأنهم سلالات كتبت عليها الذلة باسم السماء من قديم، جاء في الإصحاح الحادي والعشرين من سفر الخروج (٢ - ١٢) ما نصه: (إِذَا اشْتَرَيْتَ عَبْدًا عِبْرَانِيًّا، فَسِتَّ سِنِينَ يَخْدِمُ، وَفِي السَّابِعَةِ يَخْرُجُ حُرًّا مَجَّانًا. ٣ إِنْ دَخَلَ وَحْدَهُ فَوَحْدَهُ يَخْرُجُ. إِنْ كَانَ بَعْلَ امْرَأَةٍ، تَخْرُجُ امْرَأَتُهُ مَعَهُ. ٤ إِنْ أَعْطَاهُ سَيِّدُهُ امْرَأَةً وَوَلَدَتْ لَهُ بَنِينَ أَوْ بَنَاتٍ، فَالْمَرْأَةُ وَأَوْلَادُهَا


(١) الإسلام والرق - محمد قطب.

<<  <  ج: ص:  >  >>