للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوجه الثاني: على فرض ثبوت القصة فليس فيها أي مأخذ على النبي - صلى الله عليه وسلم - لأسباب الآتية]

أولًا: حاجة الرجل إلى زوجةِ حسناءَ جميلةٍ.

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي النساء خيرٌ؟ فقال: "الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا، وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ، وَلَا تُخَالِفُهُ فِيمَا يَكْرَهُ فِي نَفْسِهَا، وَلَا فِي مَالِهِ" (١).

والشاهد من الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: "التي تسره إذا نظر إليها" أي: إذا نظر زوجها إليها، ففي النظر إليها العفاف والكفاف عن الحرام، وهي تغنيه عن النظر إلى غيرها.

فمن هذا الحديث نجد أن من حق الرجل أن يتزوج امرأةً يسره النظر إليها، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت معظم زيجاته كما هو معلوم لأغراضٍ إنسانيةٍ بحتةٍ، وهو - صلى الله عليه وسلم - لم يعدد الزوجات إلا بعد الخمسين من عمره، ولكن هذا لا يمنع أنه كان رجلًا جميل الخَلق والخُلُق، وكان كأي رجلٍ يحب أن يتزوج امرأةً يسره النظر إليها، وهذه المرأة كان يسره - صلى الله عليه وسلم - النظر إليها، لكنه وجد فيها هذا العيب الذي نفره منها نُفرةً شديدةً.

ثانيًا: هذه المرأة قد أخفت أو أخفى أولياؤها - ما فيها من عيبٍ وهذا تدليسٌ لا يجوز.

والدليل على هذا قوله - صلى الله عليه وسلم - كما في بعض الروايات بعدما رَدَّها إلى أهلها: "دلَّستم عليَّ" (٢). وهذا يجعل النفرةَ منها أشدَّ مما لو كان عالمًا بما فيها قبل أن يدخل بها.

وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحث أصحابه على النظر إلى من يريدون الزواج بهن حتى يكون ذلك أدعى لاستدامة العِشرة والمودة والرحمة بينهما .. فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كنت عند


= قال البيهقي: قال أبو أحمد بن عديٍّ: وجميل بن زيدٍ تفرد بهذا الحديث واضطرب الرواة عنه لهذا الحديث.
(الكبرى ٧/ ٢١٤). وقد ضعفه ابن معينن، والبخاري، والنسائي، وأبو حاتم، وأبو القاسم البغوي، وابن حبان. تهذيب التهذيب (٢/ ٨٢) (١٠١٤).
والحديث رواه أيضا الطبراني في الكبير (٦/ ١٦١) (٥٨٥٥) من طريق عبد الحميد بن سليمان عن أبي حازم عن سهل بن سعد - رضي الله عنه -. وعبد الحميد بن سليمان ضعفه ابن معين وابن المديني والنسائي وصالح بن محمد الأسدي ويعقوب بن سفيان (تهذيب الكمال ١٦/ ٤٣٤ - ٤٣٧)، وابن حجر في التقريب (١/ ٣٢٧) (٣٨٦٩).
(١) أخرجه أحمد (٢/ ٤٣٢)، والنسائي (٨٩٦١)، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (٣٢٩٨).
(٢) مسند أبي يعلى (٥٦٧٣) (٥/ ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>