وللمرء أن يتساءل: ماذا لدى الإنجيل من مقومات الإصلاح لهذا الفساد وتلك الأرقام الوبائية؟ وهل للإنجيل علاقة بهذه الأرقام؟
الإجابة تتلخص في قصور التشريعات الإنجيلية عن معالجة الأوضاع الفاسدة في المجتمعات النصرانية، بل ليس من التجني في شيء إذا قلنا بأن الكتاب المقدس هو أحد أسباب الفساد في تلك المجتمعات، سواء كان ذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة. (١)
وقد تجلت مسئولية الكتاب عن هذا الفساد بأمور تتفاوت في أثرها، لكنها مجتمعة حوت أسباب البلاء وجذوره، وفي كل ذلك ما يدل على أنه ليس كلمة الله، لأن الله يرسل أنبياءه بكتبه ليهدي الناس ويخرجهم من الظلمات والشرور إلى الهدى والنور.
أولًا: العهد الجديد ومنافاته للفطرة الإنسانية
ثمة نصوص إنجيلية كثيرة تجلى فيها مصادمة الإنجيل الموجود بين أيدينا للفطرة الإنسانية التي خلق الله عليها عباده، مما يترك أثرًا سلبيًا أخلاقيًا أو اجتماعيًا على قارئيها، منها:
١ - أنه ثمة نصوص تصطدم مع طبيعة الإنسان وفطرته التي فطره الله عليها، ومنه ما جاء في العهد الجديد من حث على التبتل وترك الزواج يقول بولس:"٨ وَلكِنْ أَقُولُ لِغَيْرِ المتزَوِّجِينَ وَللأَرَامِلِ، إِنَّهُ حَسَنٌ لهمْ إِذَا لَبِثُوا كَمَا أَنَا."(كورنثوس (١) ٧/ ٨).
وفي نص آخر يقول:"٧ لأَنَّ اهْتِمَامَ الجسَدِ هُوَ عَدَاوَةٌ لله"(رومية ٨/ ٧)، وعليه فالأكل والشرب والنوم والزواج ... وغيرها من حاجات الإنَسان الفطرية إنما يمارسها الإنسان وهو يعادي ربه، وهذه حرب على الفطرة الإنسانية.
وأما التلميذ يعقوب فيبالغ في تحذيره من محبة العالم، من غير أن يفرق بين الخير والشر، فيقول:"٤ أَيُّهَا الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي، أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ محَبَّةَ الْعَالمِ عَدَاوَةٌ لله؟ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُحبًّا لِلْعَالمِ، فَقَدْ صَارَ عَدُوًّاِ للهِ."(يعقوب ٤/ ٤)، فهل محبة الخير أوَ الوالدين أو حتى شهوات
(١) لا يعني هذا أن الكتاب القدس خلو من التعاليم السامية والتي هي في الحقيقة بقية أنوار الأنبياء وهديهم، لكن شابها ما أضافه الكتبة من الباطل، فانطفأت أنوار الحق، وبهتت، وغاصت درره في بحور التحريف.