للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَلَا فَرْقَ بَيْن عِلْمِهِ بِكَوْنِهَا مِنْهُ، مِثْلُ أَنْ يَطَأَ امْرَأَةً فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ غَيْرُهُ، ثُمَّ يَحْفَظَهَا حَتَّى تَضَعَ، أَوْ مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِكَ جَمَاعَةٌ فِي وَطْءِ امْرَأَةٍ، فَتَأْتِيَ بِوَلَدٍ لَا يُعْلَمُ هَلْ هُوَ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ؟ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى جَمِيعِهِمْ لِوَجْهَيْنِ:

أحَدُهُمَا: أَنَّهَا بِنْتُ مَوْطُوءَتِهمْ.

وَالثاني: أَنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّهَا بِنْتُ بَعْضِهِمْ، فَتَحْرُمْ عَلَى الْجَمِيعِ. . . فَإِنْ أَلْحَقَتْهَا الْقَافَةُ بِأَحَدِهِمْ، حَلَّتْ لِأَوْلَادِ الْبَاقِينَ، وَلَمْ تَحِلَّ لَأَحَدٍ مِمَّنْ وَطِئَ أُمَّهَا، لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى رَبِيبَتِهِ. (١)

٣ - ومن أدلة الجمهور على التحريم: ما ثبت في الصحيح أن اللَّه تعالى أنطق ابن الراعي الزاني عندما سأله جريج من أبوك؟ فقال: أبي فلان الراعي، وهذا الإنطاق لا يحتمل الكذب. (٢)

٤ - القياس على تحريم الاستمناء باليد، فإن الشافعي حرم ذلك.

قال ابن القيم: ثم من العجب كيف يحرم صاحب هذا القول أن يستمنى الإنسان بيده ويقول هو نكاحٌ لِيَدِهِ، ويُجّوز للإنسان أن ينكح بعضه، ثم يُجّوز له أن يستفرش بعضه الذي خلقه اللَّه من مائه، وأخرجه من صلبه كما يستفرش الأجنبية (٣).

أجمعت الأمة على تحريم أمه عليه، وخلقُه من مائها وماء الزاني خلقٌ واحدٌ، وإثمهما فيه سواء، وكونه بعضًا له مثل كونه بعضًا لها. . . (٤)

٥ - ومن الأدلة للجمهور على هذا الحكم عدم ورود الإباحة للبنت من الزنا عن أحد من الصحابة والتابعين.

قال ابن تيمية: ولم يحل ذلك أحدٌ من الصحابة والتابعين لهم بإحسان؛ ولهذا لم يعرف أحمد بن حنبل وغيره من العلماء مع كثرة اطلاعهم في ذلك نزاعًا بين السلف فأفتى أحمد ابن حنبل إن فَعَلَ ذلك قُتِلَ، فقيل له: إنه حكى فلانٌ في ذلك خلافًا عن مالك، فقال: يكذب فلان. (٥)


(١) المغني (٧/ ٤٨٥).
(٢) زاد المعاد (٥/ ٤٢٤). والحديث رواه البخاري (٢٣٥٠، ٣٢٥٣)، ومسلم (٢٥٥٠).
(٣) زاد المعاد (٥/ ٥٧٠).
(٤) المصدر السابق.
(٥) مجموع الفتاوى (٣٢/ ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>