للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يعد، وأن شابًا تبعه وعليه إزار فتعلقوا به فترك إزاره في أيديهم وأفلت عريانًا). (١)

فهؤلاء أصحابه وأتباعه لم يحضر منم ولا رجل واحد بشهادة الأناجيل، وأما أعداؤه من اليهود الذين تزعم النصارى أنهم حضروا الأمر فلم يبلغوا عدد التواتر أصلًا، بل كانوا آحادًا وأفرادًا، فمن نازع فيما قلناه ونقلناه فهذا الإنجيل الذي بأيديهم حكما فيما بيننا وبينه، وإذا ثبت أن أتباع المسيح لم يحضر منهم أحد، واليهود الذين حضروا عصابة قليلة دون عدد التواتر يجوز عليهم السهو والغلط واعتماد الكذب، لم يجب قبول أقوالهم فلا جرم يقدم تواتر الكتاب العزيز وهو قوله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} (النساء/ ١٥٧). (٢)

[المبحث السابع: من الذي مات على الصليب، الإنسان أم الإله؟]

يَرد على المسيحيين أسئلة كثيرة: من الذي صلب على الصليب؟ ومن الذي أسلم روحه ومات على الصليب؟ هل المسيح الإنسان؟ أم أنه المسيح الإله؟ أو بمعنى آخر: هل فارق اللاهوت الناسوت وقت الصلب والموت؟ أم أن اللاهوت لم يفارق الناسوت؟

مقتضى فكرة المسيحيين عن المخلص تحتم أن الذي صلب هو المسيح ابن الله، فهو في -نظرهم- تجسد خصيصا من أجل الصلمب والموت ليخلص البشرية.

لذلك جاء في كتاب (السنكسار): "وتعلمنا الكنيسة المقدسة أن لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين." (٣)

ويقول الأب لويس برسوم: "وإذن ظل اللاهوت متحدًا بالناسوت على الدوام دون أن يفارقه قط، وحتى حينما أسلم يسوع روحه لم يفارق اللاهوت الناسوت، بل ظل متحدًا مع الجسد الذي دفن في القبر." (٤)

ويقول الأب ساويرس: "لاهوته لم ينفصل قط لا من نفسه ولا من جسده ولم يفارق


(١) انظر تفصيل ذلك في: متى (٢٦)، مرقس (١٤)، لوقا (٢٢)، يوحنا (١٨).
(٢) تخجيل من حرف التوراة والإنجيل (١/ ٣٣٧ - ٣٣٨).
(٣) كتاب السنكسار (٢/ ٩٩).
(٤) المسيح الإله والإنسان (٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>