للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنهم يثبتون جنسها في الجملة، وما رأيت أحدا منهم نفاها، وإنما ينفون التشبيه، وينكرون على المشبهة الذين يشبهون الله بخلقه، مع إنكارهم على من ينفي الصفات أيضًا كقول نعيم بن حماد الخزاعى شيخ البخاري: من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر.

وليس ما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيها. (١)

[الوجه الثالث: أن الإسلام قد راعى الأدب في عبادة العبد ربه.]

وليس البصاق من الأدب إذا كان تلقاء من يناجيه. ألا ترى أنه لو خاطب إنسان آخر ثم أراد أن يبصق فبصق في وجهه أنه ليس من الأدب الذي درجت عليه الفطرة؛ إذا كان هذا حال الإنسان مع الإنسان فكيف بالإنسان مع ربه؟ ! !

عن أبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَال: "إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَلا يَبْصُقْ أَمَامَهُ؛ فَإِنَّمَا يُنَاجِي الله مَا دَامَ فِي مُصَلاهُ وَلا عَنْ يَمِينِهِ فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكًا وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ فَيَدْفِنُهَا" (٢).

وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعجبه العراجين أن يمسكها بيده، فدخل المسجد ذات يوم وفي يده واحد منها، فرأى نخامات في قبلة المسجد فحتهن حتى أنقاهن ثم أقبل على الناس مغضبًا فقال: "أيحب أحدكم أن يستقبله رجل فيبصق في وجهه؟ ! ! إن أحدكم إذا قام إلى الصلاة فإنما يستقبل ربه والملك عن يمينه فلا يبصق بين يديه ولا عن يمينه". (٣)

وأيضًا: هل يجوز في عقيدتهم وهم في كنائسهم يتضرعون أمام صورة من يدعون أنه المسيح أو مريم؛ أن يبصقوا تلقاء وجوههم وهم على هذه الحالة؟

والجواب بالبديهة: لا.


(١) مجموع الفتاوى (٥/ ١٠٧ - ١٠٩).
(٢) البخاري (٤١٦).
(٣) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (٨٨٠)، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (٢٨٢): حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>