للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد أخطأ من قال بأن الباعث لخروج طلحة والزبير هو ما كانا عليه من الطمع في الخلافة والتآمر على الناس بذلك.

فينفي ابن شبّة في كتابه أخبار البصرة هذا الزعم بقوله: إن أحدًا لم ينقل أن عائشة ومن معها نازعوا عليًا في الخلافة، ولا دعوا إلى أحد منهم ليولوه الخلافة، وإنما أنكروا على علي منعه -أي تأخيره- من قتل قتلة عثمان وترك الاقتصاص منهم. (١)

ويقول ابن حزم: (٢) فقد صح صحة ضرورية لا إشكال فيها، أنهم لم يمضوا إلى البصرة لحرب علي ولا خلافًا عليه، ولا نقضًا لبيعته ولو أرادوا ذلك لأحدثوا بيعة غير بيعته، وهذا ما لا يشك فيه أحد ولا ينكره أحد، فصح أنهم إنما نهضوا إلى البصرة لسد الفتق الحادث في الإسلام من قتل أمير المؤمنين عثمان -رضي اللَّه عنه- ظلمًا.

وأما عن عدد قتلى معركة الجمل فقد بالغ المؤرخون في ذكرهم، فمن مقلل ومن مكثر على حسب ميل الناس وأهوائهم؛ لكن العدد الحقيقي لقتلى معركة الجمل فقد كان ضئيلًا جدًّا للأسباب التالية: -

١ - قصر مدة القتال، حيث أخرج ابن أبي شيبة بإسناد صحيح أن القتال نشب بعد الظهر، في غربت الشمس وحول الجمل أحد ممن كان يذب عنه.

٢ - الطبيعة الدفاعية للقتال، حيث كان كل فريق يدافع عن نفسه ليس إلا.

٣ - تحرج كل فريق من القتال لما يعلمون من عظم حرمة دم المسلم.

٤ - قياسًا بعدد شهداء المسلمين في معركة اليرموك -ثلاثة آلاف شهيد، تاريخ الطبري (٣) - ومعركة القادسية -ثمانية آلاف وخمسمائة شهيد، تاريخ الطبري (٤) - وهي التي استمرت عدة أيام، فإن العدد الحقيقي لقتلى معركة الجمل يعد ضئيلًا جدًّا، هذا مع


(١) أورده الحافظ في الفتح (١٣/ ٦٠ - ٦١).
(٢) الفصل في الملل (٤/ ٢٣٨ - ٢٣٩).
(٣) تاريخ الطبري (٣/ ٤٠٢).
(٤) المصدر السابق (٣/ ٥٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>