للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاهد منها. (١)

أولًا: سفر يشوع:

تنسب الدراسات التقليدية هذا السفر إلى النبي يشوع بن نون وصي موسى عليه السلام، لكن القراءة المتأنية لهذا السفر تكشف عن تأخر تاريخ كتابته عن يشوع بسنين طويلة، فقد جاء فيه خبر موت يشوع "أنَّهُ مَاتَ يَشُوعُ بْنُ نُونٍ عَبْدُ الرَّبِّ ابْنَ مِئَةٍ وَعَشْرِ سِيينَ.٣٠ فَدَفَنُوهُ فِي تُخُمِ مُلْكِهِ" (يشوع ٢٤/ ٢٩ - ٣٠).

ويذكر سفر يشوع أحداثًا حصلت بعد موته كتعظيم بني إسرائيل له بعد وفاته، بقاء شيوخهم على العهد في عصر القضاة بعده "وَعَبَدَ إِسْرَائِيلُ الرَّبَّ كُلَّ أَيَّامُ يَشُوعَ، وَكُلَّ أَيَّامُ الشُّيُوخِ الَّذِينَ طَالتْ أَيَّامُهُمْ بَعْدَ يَشُوعَ وَالَّذِينَ عَرَفُوا كُلَّ عَمَلِ الرَّبِّ الَّذِي عَمِلَهُ لإِسْرَائِيلَ." (يشوع ٢٤/ ٣١)، والسفر برمته يتحدث عن يشوع بضمير الغائب. (انظر ٨/ ٣٥، ٦/ ٢٧).

ومن الأدلة التي نسردها سريعًا لنؤكد أن يشوع ليس بكاتب السفر المنسوب إليه:

١ - أن سفر يشوع ذكر مرارًا قرية دبير التي حاربها يشوع، ومن ذلك قوله: "٣٨ ثُمَّ رَجَعَ يَشُوعُ وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ إِلَى دَبِيرَ وَحَارَبَهَا" (يشوع ١٠/ ٣٨)، وكذا قوله: "٧ وَصَعِدَ التُّخُمُ إِلَى دَبِيرَ مِنْ وَادِي عَخُورَ" (يشوع ١٥/ ٧)، وغيرها من المواضع.

وهذا الاسم لم يطلق على هذه القرية إلا بعد وفاة يشوع، فقد كان اسمها في عهد يشوع قرية سفر، وتغير في عهد القضاة "وَكَانَ اسْمُ دَبِيرَ قَبْلًا قَرْيَةَ سِفْرٍ" (القضاة ١/ ١١).

٢ - كما نجد في مواضع كثيرة أن كاتب السفر يخبرنا ببقاء بعض المسميات التي سميت في عهد يشوع وأنها لم تتغير بتقادم الأيام وتصرم السنين، ومن المؤكد أن يشوع ليس القائل، إذ هذه المسميات ظهرت في عصره، وليس من المعتاد تغير أسماء المدن في وقت قريب، يقول سفر يشوع: "فَدُعِيَ اسْمُ ذلِكَ المكَانِ "الْجِلْجَال" إِلَى هذَا الْيَوْمِ." (يشوع ٥/ ٩)، أي ما زال اسمه كذلك إلى زمن كتابة السفر.


(١) انظر: التوراة والإنجيل والقرآن والعلم، موريس بوكاى (٣٨ - ٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>