للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موقفه منها، وكل من لم يبلغه النهي في عصر النبوة ثم بلغه بعد ذلك فإنه التزمه، وقال به إلا ابن عباس -رضي اللَّه عنه-؛ فإن له مسلكًا ومع هذا فلا ينكر أن بعض الصحابة لم يبلغه النهي إطلاقًا إلا بعد وفاة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وهذا ليس بغريب؛ فقد حدث مثل هذا كثير قد خفي على عدد من كبار الصحابة أحاديث كثيرة مع قربهم من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وتقدمهم في السن وطول صحبتهم (١).

الشبهة الرابعة: قالوا: إن عبد اللَّه بن عمر أنكر على أبيه تحريمه لمتعة النساء كما عند الترمذي أن رجلًا من أهل الشام سأل ابن عمر عن متعة النساء فقال: هي حلال. فقال: إن أباك قد نهى عنها. فقال ابن عمر: أرأيت إن كان أبي قد نهى عنها وقد سنها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنترك السنة ونتبع قول أبي؟

والجواب عليه من هذه الوجوه:

[الوجه الأول: الحديث ليس بهذا اللفظ، وهو في متعة الحج.]

فقد حرفوا لفظ الحديث حتى يروجوا سلعتهم وهذا شأنهم، والحديث إنما هو في متعة الحج وهذا لفظه الصحيح:

فعَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّه حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَهُوَ يَسْأَلُ عَبْدَ اللَّه بْنَ عُمَرَ عَنِ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّه بْنُ عُمَرَ: هِىَ حَلَالٌ. فَقَالَ الشَّامِيُّ: إِنَّ أَبَاكَ قَدْ نَهَى عَنْهَا. فَقَالَ عَبْدُ اللَّه بْنُ عُمَرَ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَبِي نَهَى عَنْهَا وَصَنَعَهَا رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أَأَمْرَ أَبِي نَتَّبعُ أَمْ أَمْرَ رَسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: بَلْ أَمْرَ رَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ: لَقَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢).

[الوجه الثاني: ابن عمر ممن قال بتحريم المتعة.]

عن سالم عن أبيه قال: سئل ابن عمر عن متعة النساء فقال: لا نعلمها إلا السفاح (٣).


(١) تحريم المتعة في الكتاب والسنة (١٤٤: ١٤٢).
(٢) أخرجه الترمذي (٨٢٤) وصححه الألباني في صحيح الترمذي (٦٥٨ - ٨٣٠).
(٣) إسناده صحيح، مصنف ابن أبي شيبة (٤/ ٢٩٢ - ٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>