"ملكي صادق هذا ملك ساليم كاهن الله العلي ... بلا أب، بلا أم، بلا نسب، لا بداءة أيام له، ولا نهاية حياة، بل هو مشبه بابن الله، هذا يبقى كاهنا إلى الأبد"(عبرانيين ٧/ ١ - ٣)، فلم لا يقول النصارى بألوهية ملكي صادق، وهو الذي لا أب له ولا أم؟ ومثل هذا أيضًا يلزم النصارى بحق الملائكة، فهم أيضًا خلقوا من غير أب ولا أم، بل ولا طين، لكن النصارى لا تعتبرهم آلهة. وهكذا فالميلاد العذراوي لا يصلح دليلًا على الألوهية، وإن كان حدثًا فريدًا - نسبيًا - في تاريخ البشرية.
ب. معجزة إحياء الموتى: لا ريب أن معجزة إحياء الموتى معجزة عظيمة من معجزات المسيح عليه السلام، وقد أثبتها القرآن له، وأخبر بأنها من عند الله {وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ}[آل عمران: ٤٩]، وهو ما يتفق أيضًا مع الإنجيل، فقد قال عيسى للذين شاهدوه وعاصروه:"أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئًا"(يوحنا ٥/ ٣٠).
لكن النصارى يصرون على أن إحياء الموتى يدل على ربوبية المسيح وألوهيته، ويتجاهلون نصوصًا كتابية أسندت ذات الفعل لغير المسيح. فلم لا تقول النصارى بألوهيتهم؟ ! .
إن إعراض النصارى عن القول بألوهية هؤلاء، إنما هو دليل على بطلان الاستدلال لألوهية المسيح بمعجزة الخلق.
١ - فلئن كان المسيح أحيا لعازر (انظر يوحنا ١١/ ٤١ - ٤٤)، فإن النبي إلياس أحيا ابن الأرملة "وقال: أيها الرب إلهي، أيضًا إلى الأرملة التي أنا نازل عندها قد أسأت بإماتتك ابنها - وحاشا لله أن يسيء -، فتمدد على الولد ثلاث مرات، وصرخ إلى الرب وقال: يا رب إلهي لترجع نفس هذا الولد إلى جوفه. فسمع الرب لصوت إيليا، فرجعت نفس الولد إلى جوفه فعاش"(الملوك (١) ١٧/ ١٩ - ٢٤)، لذا خاطبه يشوع بن سيراخ:"أنت الذي أقمت ميتا من الموت"(ابن سيراخ ٤٨/ ٥).
٢ - واليسع أيضًا أحيا - بإذن الله - ميتين أحدهما أحياه حال حياته، والآخر بعد وفاته، فقد أحيا ابن الإسرائيلية التي جاءته "دخل أليشع البيت، وإذا بالصبي ميت ومضطجع