للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: مُرِيهِ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً، قَالتْ: فَقُلْتُ: وَالله يَا رَسُولَ الله مَا عِنْدَهُ مَا يُعْتِقُ، قَال: فَلْيَصمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، قَالتْ: فَقُلْتُ: وَالله يَا رَسُولَ الله، إِنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ، قَال: فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْر، قَالتْ: قُلْتُ: وَالله يَا رَسُولَ الله، مَا ذَاكَ عِنْدَهُ قَالتْ: فَقَال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: فَإِنَّا سَنُعِينه بِعَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ، قَالتْ: فَقُلْتُ: وَأَنَا يَا رَسُولَ الله سَأُعِينُهُ بِعَرَقٍ آخَرَ، قَال: قَدْ أَصَبْتِ وَأَحْسَنْتِ، فَاذْهَبِي فَتَصَدَّقِي عَنْهُ، ثُمَّ اسْتَوْصِي بِابْنِ عَمِّكِ خَيْرًا، قَالتْ: فَفَعَلْتُ، قَال سَعْدٌ: الْعَرَقُ الصَّنُّ (١).

فها هي خولة تجادل وترفع شكواها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسمعها رب العالمين وأنصفها من زوجها الذي تعجل في أمره، فالإسلام يسمح للمرأة أن ترفع شكواها لوليها أو القاضي أو الحاكم، ولها أن تتحدث بما يليق، ولا يحق لأحد هضم حقها، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصبر على أحوال بعض نسائه، ويستمع إليهن بما يثير أحيانًا أبا بكر، وتارة يثار عمر كذلك على ابنته حفصة كما جاء في صدر سورة التحريم.

١٩ - حق الزوجة الكتابية: قال تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} (المائدة: ٥).

قال ابن قدامة: ليس بين أهل العلم بحمد الله اختلاف في حل حرائر نساء أهل الكتاب، بإجماع الصحابة، وهذا في الكتابيات دون الوثنيات أو المحاربات، وحيث كون الكتابيات، وبخاصة اللاتي يعشن في بلاد المسلمين، يوجد في دينها التقاء مع الإسلام في أمر التوحيد؛ حيث أن أصل الدين واحد، أما التحريف فطارئ عليه بأيديهم وتأويلهم، وهذا بخلاف الوثنيات.

وقال العلماء: وإذا تزوج المسلم الكتابية، فيكون عليها كل الحقوق التي على السلمة، وكذلك لها حقوق المسلمة؛ إلا في التوارث؛ لأن شرط التوارث اتحاد الدين، مع الأخذ في


(١) مسند أحمد (٢٦٧٧٤)، أبو داود (٢٢١٤). وصححه الألباني في إرواء الغليل (٢٠٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>