للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرابعة: الجزية من عوامل الاستقرار في المجتمع، وعلامة عليه لأنها دليل الخضوع والانقياد لحكم الدولة.]

لقوله -عزَّ وجلَّ-: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} وقد سبق بيان الصحيح في معنى الصغار؛ وهو جريان أحكام الإسلام عليهم، وإذا جرى عليهم حكم الإسلام وأذعنوا له وجاؤوا لدفع الجزية بأيديهم كان هذا علامة انقيادهم للدولة التي أنعمت عليهم بهذا العقد.

[الخامسة: الجزية إنعام من الإسلام عليهم لأنهم تخلصوا بها من القتل والاستئصال.]

الجزية نعمة عظمى تسدى لأهل الذّمّة، فهي تعصم أرواحهم، وتمنع عنهم الاضطهاد، وقد أدرك هذه النّعمة أهل الذّمّة الأوائل، فلمّا ردّ أبو عبيدة الجزية على أهل حمص لعدم استطاعته توفير الحماية لهم قالوا لولاته: (واللَّه لولايتكم وعدلكم أحبّ إلينا ممّا كنّا فيه من الظّلم والغشم) (١) فقد أقرّ أهل حمص بأنّ حكم المسلمين مع خلافهم لهم في الدّين أحبّ إليهم من حكم أبناء دينهم، وذلك لما ينطوي عليه ذلك الحكم من ظلم وجور واضطهاد وعدم احترام للنّفس الإنسانيّة.

فإذا قارنّا بين الجزية بما انطوت عليه من صغار، وبين تلك الأعمال الوحشيّة الّتي يمارسها أهل العقائد مع المخالفين لهم في المعتقد تكون الجزية نعمة مسداة إلى أهل الذّمّة، ورحمة مهداة إليهم، وهي تستلزم شكر اللَّه تعالى، والاعتراف بالجميل للمسلمين. (٢)

السادسة: الجزية ضريبة مالية تنتفع بها الدولة في قضاء مصالح الشعب ومنهم أهل الذمة.


(١) أخرجه البلاذري في فتوح البلدان (١/ ١٦٢) بلاغًا.
(٢) الموسوعة الفقهية الكويتية تحت مصطلح (الجزية). وسيأتي إن شاء اللَّه في آخر البحث فصل يذكر فيه شيء من هذه الممارسات الوحشية.

<<  <  ج: ص:  >  >>