للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١ - شبهات عن يعقوب ويوسف عليهما السلام.]

[الشبهة الأولى: كيف يفضل يعقوب - عليه السلام - بعض أولاده على بعض؟]

والرد عليها كما يلي:

١ - أن يعقوب - عليه السلام - ما فضلهما (يوسف وأخوه) على سائر الأولاد إلا في المحبة، والمحبة ليست في وسع البشر فكان معذورًا.

٢ - أن أمهما ماتت وهما صغار.

٣ - كان يعقوب - عليه السلام - يرى فيه من آثار الرشد والنجابة ما لم يجد في سائر الأولاد.

٤ - لعل يوسف - عليه السلام - وإن كان صغيرًا إلا أنه كان يخدم أباه بأنواع الخدمة أشرف وأعلى بما كان يصدر عن سائر الأولاد.

فهذه المسألة كانت اجتهادية وكانت مخلوطة بميل النفس، وموجبات الفطرة، فلا يلزم من وقوع الاختلاف فيها طعن أحد الخصمين في دين الآخر أو في عرضه (١).

فحب يعقوب - عليه السلام - ليوسف وأخيه لصغرهما وموت أمهما، وهذا من حب الصغير هي فطرة البشر، وقد قيل لابنة الحسن: أي بنيك أحب إليك؟ قالت: الصغير حتى يكبر، والغائب حتى يقدم، والمريض حتى يبرأ. (٢)

٥ - واعلم - هداك الله -: إن دعواهم أنّ يوسف - عليه السلام - وأخاه أحبّ إلى يعقوب - عليه السلام - منهم يجوز أن تكون دعوى باطلة آثار اعتقادها في نفوسهم شدّةُ الغيرة من أفضليّة يوسف - عليه السلام - وأخيه عليهم في الكمالات، وربّما سمعوا ثناء أبيهم على يوسف - عليه السلام - وأخيه في أعمال تصدر منهما، أو شاهدوه يأخذ بإشارتهما، أو رأوا منه شفقة عليهما لصغرهما ووفاة أمّهما، فتوهّموا من ذلك أنّه أشدّ حبًّا إيّاهما منهم توهمًا باطلًا. ويجوز أن تكون دعواهم مطابقة للواقع وتكون زيادة محبّته إيّاهما أمرًا لا يملك صرفه عن نفسه لأنّه وجدان، ولكنّه لم يكن يؤثرهما عليهم في المعاملات، والأمور الظاهريّة، ويكون أبناؤه قد علموا فرط محبّة أبيهم


(١) التفسير الكبير (١٨/ ٩٣).
(٢) المحرر الوجيز (٣/ ٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>