للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١١ - أخلاق عائشة مع صفية بنت حيي بن أخطب -رضي الله عنهما-.]

[نص الشبهة]

لقد زعم القوم سوء أخلاق عائشة مع صفية -رضي الله عنهما- ومعتمدهم في هذا عدة روايات ذكروها، وها هي والرد على ما قالوه من خلالها:

الرواية الأولى: عن عائشة قالت: لما قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة وهو عروس بصفية بنت حيي جئن نساء الأنصار فأخبرن عنها، قالت: فتنكرت وتنقبت فذهبت فنظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى عيني فعرفني، قالت: فالتفت فأسرعت المشي، فأدركني، فاحتضنني، فقال: "كيف رأيت؟ " قالت: قلت: أرسل يهودية وسط يهوديات. (١)

والرد على ذلك من وجوه:

الوجه الأول: أن هذا الحديث إسناده ضعيف كما هو مبين في الحاشية.

الوجه الثاني: أنه لو صح لكان محمولًا على الغيرة، وقد سبق الحديث عنها.

الوجه الثالث: في بعض ألفاظ الحديث والراوية لها منقبة لصفية وعائشة.

الوجه الرابع: وفي بعضها أنها قالت ذلك قبل أن تعلم بإسلامها.


(١) ضعيف. أخرجه ابن ماجه باب حسن معاشرة النساء (١٩٨٠)، والخرائطي في اعتلال القلوب باب: الغيرة على النساء (٧٢١) من طريق حبان بن هلال، حدثنا مبارك بن فضالة، عن علي بن زيد، عن أم محمد، عن عائشة به. وقد سبقت ترجمة هذا الإسناد وقال البوصيري: في الزوائد: إسناده ضعيف لضعف علي بن جدعان اهـ. وفيه أم محمد مجهولة كما سبق، وعلي بن زيد يروي المناكير.
وله طريق آخر أخرجه ابن سعد (٨/ ١٢٦) من طريق أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال، عن عبد الله بن عمر به. وفيه عبد الرحمن بن أبي الرجال صدوق ربما أخطأ من الثامنة، والإسناد منقطع أو معضل بينه وبين ابن عمر -رضي الله عنهما؛ تهذيب التهذيب (٦/ ١٥٤)، والتقريب (٣١٩١). وعليه فلا يصلح هذا الطريق لتقوية الطريق الأول. وأخرجه ابن سعد ٨/ ١٢٦ مرسلًا من طريق الواقدي ولفظه عن عطاء بن يسار قال: لما قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من خيبر ومعه صفية أنزلها في بيت من بيوت حارثة بن النعمان فسمع بها نساء الأنصار وبجمالها فجئن ينظرن إليها، وجاءت عائشة متنقبة حتى دخلت عليها فعرفها، فلما خرجت خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أثرها فقال: "كيف رأيتها يا عائشة؟ " قالت: رأيت يهودية. قال: "لا تقولي هذا يا عائشة فإنها قد أسلمت فحسن إسلامها" اهـ. وهذا فيه بيان أنها قالت ذلك قبل أن تعلم بإسلامها. ولكن إسناده فيه الواقدي وهو متروك، ثم هو مرسل عن عطاء. وعليه فهذه الطريق شديدة الضعف لا تصلح للتقوية. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>