للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - إنني رجعت إلى دائرة المعارف الإسلامية تأليف جماعة من المستشرقين، وإلى دائرة المعارف للبستاني، وإلى: "المنجد" فلم أجدهم ذكروا ما عزاه الأستاذ المصري إلى تاريخ الكنيسة؛ بل ظاهر كلامهم أنهم لا يعرفون عنه شيئًا مما يتعلق بتاريخ حياته في أرض العرب، إلا مما جاء في مصادرنا الإسلامية، وخاصة ما يتعلق منه بقصة اتصاله بالنبي - صلى الله عليه وسلم - حسبما تقدم تخريجه، وإن كانوا يعتبرونها "من الأساطير التي أحاطت بسيرة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -" حسبما تقدم تخريجه، وذلك في "دائرة المعارف الإسلامية".

٣ - لنفترض أن ما عُزِيَ إلى تاريخ الكنيسة صحيح ثابت، وهو أن بحيرى الراهب كان في القرن الرابع من الميلاد، فذلك لا ينفي أن يأتي شخص آخر على شاكلته في الترهب سمي باسمه منذ ولادته على عادة النصارى وغيرهم من التسمي بأسماء الصالحين عندهم، أو لقب به بعد؛ لظهور شبه فيه به، هذا كله جائز ليس في العقل السليم ما ينفيه، وإذا كان الأمر كذلك، فبإمكان الأستاذ أن يعتقد وجود شخصين في زمنين متباينين باسم واحد (بحيرى) وبذلك يستطيع أن يوفق بين ثقته بالتاريخ الكنسي، وثقته بالتاريخ الإسلامي ولا يقع في هذه المغالطة التي كتبها بقلمه: "فكيف التقى الزمان القرن الرابع والقرن السادس والتقى المكان؟ " (١).

[الوجه الحادي والعشرون: بحيرى لم يكلم النبي مباشرة، إنما كان يتكلم مع الناس عنه.]

من الغريب ملاحظته في هذا الحديث الذي وبالرغم من أنه كله ملفق، إلا أنه أقوى من جميع الأحاديث التي تناولت حادثة بحيرى، لكن الراهب لم يخاطب محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وهو صبي في أي وقت من الأوقات، وبإمكان الشخص ملاحظة ذلك من خلال قراءته للحديث ليرى بنفسه تلك الظاهرة الغريبة. لا يوجد في الحديث ضمير غائب بديلًا لمحمد - صلى الله عليه وسلم -، لقد استعمل الراهب في كل مرة شخصًا ثالثًا أو ضمير إشارة. فتراه يتكلم عن محمد


(١) "مجلة المسلمون" العدد الثامن من سنة ١٣٧٩ (صـ ٣٩٣ - ٣٩٧) فليرجع إليه من أراد زيادة في التثبت. هامش فقه السيرة للغزالى (٦٨)، ودفاع عن الحديث النبوى (٦٢ - ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>