للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ عَائِشَةَ -رضي اللَّه عنها- أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ لِلْعِتْقِ، وَأَرَادَ مَوَالِيهَا أَنْ يَشْتَرِطُوا وَلَاءَهَا، فَذَكَرَتْ عَائِشَةُ لِلنَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اشْتَرِيهَا فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ"، قَالَتْ: وَأُتِيَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِلَحْمٍ، فَقُلْتُ: هَذَا مَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَالَ: "هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ" (١).

عن ميمونة بنت الحارث أنها أعتقت وليدة في زمان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكرت ذلك لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك. (٢)

أحوال النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- مع الأسرى:

قال اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧٠) وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٧١)} (الأنفال: ٧٠ - ٧١)، قال اللَّه تعالى: {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}، وظاهر الآية على ما ذكره السيوطي في أحكام القرآن العظيم امتناع القتل بعد الأسر، وبه قال الحسن.

وفي حكم الأسارى خلاف، فذهب الأكثرون إلى أن الإمام بالخيار:

١ - إن شاء قتلهم إن لم يسلموا، لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قتل عقبة بن أبي معيط صبرًا. وطعيمة بن عدى. والنضر بن الحارث التي قالت فيه أخته أبياتًا تخاطب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- منها:

ما كان ضرك لو مننت وربما ... من الفتى وهو المغيظ المحنق

وإن في قتلهم حسم مادة فسادهم بالكلية.

- وليس لأحد من الغزاة أن يقتل أسيرًا بنفسه، فإن فعل بلا ملجيء كخوف شر الأسير: كان للإمام أن يعزره إذا وقع على خلاف مقصوده، ولكن لا يضمن شيئًا.

٢ - وإن شاء استرقهم؛ لأن فيه دفع شرهم مع وفور المصلحة لأهل الإسلام.


(١) أخرجه البخاري (٢٠٦١)، ومسلم (١٥٠٤).
(٢) أخرجه البخاري (٢٤٥٤)، ومسلم (٩٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>