ولم يذكر القرآن لنا لماذا انتبذت مريم العذراء من أهلها مكانًا شرقيًا، واتخذت من دونهم حجابًا قبل أن تبشر بالمسيح، هل كانت في مشاجرة مع أهلها؛ وهم المشهورون بالتقوى؟
ولماذا تسكن فتاة عذراء بعيدًا عن أهلها، مع أن القرآن يقول: إنها كانت في المحراب في كفالة زكريا؟ ويقول الإنجيل: إن مريم كانت في الناصرة وهي مخطوبة ليوسف النجار (لوقا: ١/ ٢٧).
والرد على ذلك من وجوه:
الوجه الأول: من إعجاز القرآن الإجمال فيما لا فائدة من ذكره.
الوجه الثاني: ذكر الآراء في سبب الانتباذ.
الوجه الثالث: انتباذ مريم كما في الكتاب المقدس.
وإليك التفصيل
[الوجه الأول: من إعجاز القرآن الإجمال فيما لا فائدة من التفصيل فيه.]
فمن إعجاز القرآن الكريم أنه يُجمل فيما لا فائدة من التفصيل فيه، وذلك كذكر أسماء إخوة يوسف، وعدة أصحاب الكهف، وغيرها من الآيات التي أجملت ما لا فائدة منه، وإنما المقصودُ أخذُ العظةِ والعبرةِ من القصة، فهو المقصود الأول من ذكر القصص في القرآن الكريم، كما قال تعالى في آخر سورة يوسف: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ