للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ}: {وَامْرَأَتُهُ} سارَة بنت هاران بن ناحور بن ساروج بن راعو بن فالغ؛ وهي ابنة عم إبراهيم، {قَائِمَةٌ} قيل: كانت قائمة من وراء الستر تسمع كلام الرسل وكلام إبراهيم - عليه السلام -، وقيل: كانت قائمة تخدُم الرسل، وإبراهيم جالسٌ مع الرسل (١).

وقوله: {فَضَحِكَتْ}: اختلف أهل التأويل في معنى قوله: {فَضَحِكَتْ} وفي السبب الذي من أجله ضحكت، وأولى الأقوال التي ذكرت في ذلك بالصواب قولُ من قال: معنى قوله: {فَضَحِكَتْ} فعجبت من غفلة قوم لوط عما قد أحاط بهم من عذاب الله وغفلتهم عنه، وإنما قلنا هذا القول أولى بالصواب؛ لأنه ذكر عقيب قولهم لإبراهيم: {تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ} [هود: ٧٠]، فإذا كان ذلك كذلك، وكان لاوجه للضحك والتعجب من قولهم لإبراهيم: {لَا تَخَفْ} كان الضحك والتعجب إنما هو من أمر قوم لوط (٢).

[الوجه الثاني: الرد على إنكارهم أن الضيوف لم يأكلوا، وأنه لم يخف من شيء.]

أما قولهم: إن الرجال في الحقيقة أكلوا، فهذا خلاف ما جاء في القرآن، واحتجاجهم بالتوراة لا يجوز؛ لأنها محرفة، فالضيوف لم يأكلوا وأصاب إبراهيم من ذلك خوف؛ لأن العرب كانت إذا نزل بهم ضيف فلم يطعم من طعامهم، ظنوا أنه لم يجئ بخير، وأنه يحدِّث نفسه بشرّ (٣).

قال تعالى: {فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً. . .} دليل على أنهم لم يأكلوا، ولأنهم في الأصل ملائكة؛ وهم لا يشربون، ولا يأكلون، ولا ينامون، ولا يتزوجون، ولا يتغوطون.

الوجه الثالث: الرد على إنكارهم خدمتها لهم.


(١) تفسير الطبري (١٢/ ٧١).
(٢) تفسير الطبري (١٢/ ٧٤).
(٣) تفسير الطبري (١٢/ ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>