للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: (باب الرَّجُلِ لا يَنْسِبُ نَفْسَهُ إِلَى الْغِنَاءِ وَلا يُؤْتَى لِذَلِكَ وَلا يَأْتِي عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ بِأنّهُ يَطْرِبُ فِي الحالِ فَيَتَرَّنَمُ فِيهَا) (١).

قال ابن تيمية: وليس في حديث الجاريتين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استمع إلى ذلك والأمر والنهي إنما يتعلق بالاستماع ولا بمجرد السماع. (٢)

فالاستماع هو السمع والإصغاء والسامع هو: الذي يصل الصوت إلى مسامعه من دون قصد إليه، والمستمع المصغي بسمعه إليه، والأول غير مذموم فيما يذم استماعه، ولا ممدوح فيما يمدح استماعه.

فالنبي -صلى الله عليه وسلم- سمع (ولا يقال استمع) إلى الغناء المباح الذي كان يصدر من الجواري ولم يقترن هذا الغناء بآلة موسيقية غير الدف، وهو المشروع من بين جميع الملاهي والآلات بثبوت ذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

[الوجه السادس: صفة الغناء المحرم فما دين الله.]

وقد سبق بيانه في كلام الإمام النووي رحمه الله تعالي في الوجه الثالث.

وقال القاضي أبو بكر بن العربي: أما سماع القنيات فيجوز للرجل أن يسمع غناء جاريته؛ إذ ليس شيء منها عليه حرامًا، لا من ظاهرها ولا من باطنها، فكيف يمنع من التلذذ بصوتها؟ إما أنه لا يجوز انكشاف النساء للرجال، ولا هتك الأستار، ولا سماع الرفث؛ فإذا خرج ذلك إلى ما لا يجوز منع من أوله، واجتث من أصله. (٣)

وقال أبو بكر الخلال: الغناء والنوح واحد، مباح ما لم يكن معهما منكر، ولا فيه طعن، وفي الجملة، من اتخذه صناعة يؤتى له، أو اتخذ غلامًا أو جارية مغنيين يجمع عليهما الناس، فلا شهادة له لأنه سفه، وسقوط مروءة. (٤)


(١) السنن الكبرى ١٠/ ٢٢٤.
(٢) مجموع الفتاوى ١١/ ٥٦٦.
(٣) أحكام القرآن ٣/ ١٤٩٤.
(٤) الكافي لابن قدامة ٤/ ٣٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>