للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا}، كقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (النور: ٦٣). (١)

قال الشوكاني: ومعنى الآية: أنه لا يحلّ لمن يؤمن باللَّه إذا قضى اللَّه أمرًا أن يختار من أمر نفسه ما شاء بل يجب عليه أن يذعن للقضاء، ويوقف نفسه تحت ما قضاه اللَّه عليه واختاره له. (٢)

الوجه الثاني: اللَّه -عزَّ وجلَّ- يهدي الإنسان للطريق المستقيم الذي فيه هداه ومنفعته.

إن اللَّه -جلت مشيئته وحكمته- وفر على الإنسان الجهد المضني، وهداه إلى ما ينفعه في دينه ودنياه. . . وحذره مما يضره في دينه ودنياه! .

إن هذه الشريعة خير كلها ومصالح كلها وعدل كلها، فلم تدع خيرًا إلا دلت عليه ولا شرًا إلا حذرت منه، وقد جاءت بأصلين عظيمين هما: تقرير المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، فما ترك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خيرًا إلا دلنا عليه، ولا شرًا إلا حذرنا منه، فلا تجد فعلًا أو قولًا فيه مصلحة إلا والشريعة قد أمرت به أمر إيجاب أو استحباب، ولا فعلًا أو قولًا فيه مفسدة إلا والشريعة قد نهت عنه إما نهي تحريم أو كراهة. فالواجب إذًا هو فعل المصالح كلها، واجتناب المفاسد كلها، بحيث لا يقر الإنسان على ترك مصلحة ولا فعل مفسدة. (٣)

ولا ينبغي أن يدفعنا البحث عن علة التحريم إلى تجاهل أمر هام ذلك هو: أن الحلال ما أحله اللَّه، وأن الحرام ما حرمه اللَّه، وأن النص الصحيح له هيمنته على كل اجتهاد وكل بحث وكل تعليل.

ولا مانع من البحث عن الحكمة بعد ذلك لكي تكون عونًا للمسلم على إقناع الآخرين وإقامة الحجة عليهم، ويزداد المؤمن إيمانًا.


(١) تفسير ابن كثير (٣/ ٦٤٥).
(٢) فتح القدير (٤/ ٤٠٣).
(٣) تلقيح الأفهام العلية بشرح القواعد الفقهية (٣/ ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>