الوجه الثاني عشر: في كتابكم من أطلق عليه روح الله، فلماذا خص عيسى وحده بالبنوة؟
وإليك التفصيل
[الوجه الأول: بيان معنى ما أضيف إلى الله.]
أولًا: إن (كلمة الله) مركبة من جزئين (كلمة) و (الله) فهي مركبة من مضاف ومضاف إليه، وإذا كان الأمر كذلك؛ فإما أن نقول: إن كل مضاف لله تعالى هو صفة من صفاته، أو نقول: إن كل مضاف لله ليس صفة من صفاته، وبعبارة أخرى إما أن نقول: إن كل مضاف لله مخلوق، أو إن كل مضاف لله غير مخلوق.
وإذا قلنا: إن كل مضاف لله صفة من صفاته وهو غير مخلوق؛ فإننا سنصطدم بآيات في القرآن، وكذلك بنصوص في الإنجيل يضاف فيها الشيء إلى الله، وهو ليس صفة من صفاته؛ بل هو مخلوق من مخلوقاته، كما في قوله تعالى:{نَاقَةُ اللَّهِ}[الأعراف: ٧٣] وكما نقول: بيت الله، وأرض الله، وغير ذلك.
وإذا عكسنا القضية وقلنا: إن كل مضاف لله مخلوق؛ فإننا كذلك سنصطدم بآيات ونصوص أخرى؛ كما نقول: علم الله، وحياة الله، وقدرة الله.
إذن لا بد من التفريق بين ما يضاف إلى الله؛ فإذا كان ما يضاف إلى الله شيئًا منفصلًا قائمًا بنفسه، كالناقة والبيت والأرض فهو مخلوق، وتكون إضافته إلى الله تعالى من باب التشريف والتكريم؛ أما إذا كان ما يضاف إلى الله شيئًا غير منفصل؛ بل هو صفة من صفاته، فيكون من باب إضافة الصفة إلى الموصوف، ومن البديهي أن يكون هذا غير مخلوق، إذن فالصفة تابعة للموصوف ولا تقوم إلا به، فلا تستقل بنفسها بحال.
وإذا عدنا إلى الجزء الذي معنا هنا فإننا نجد أن (كلمة الله) هي من باب إضافة الصفة إلى الموصوف، فـ (الكلمة) هي صفة الله تعالى، وليست شيئًا خارجًا عن ذاته حتى يقال إن: المسيح هو الكلمة، أو يقال: إنه جوهر خالق بنفسه كما يزعم النصارى.