للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ تيميةَ: استكتبَه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لخِبرته، وأمانتِه. (١)

الحديث الثاني: عن ابنِ عباسٍ -رضي اللهُ عنهما- قال: قال أبو سفيان للنبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: معاويةَ تجعلُه كاتبًا بين يديكَ. قال: نعم (٢).

قال ابن كثير: والمقصودُ منه أنَّ معاويةَ كان من جملةِ الكُتَّاب بين يديْ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- الذين يكتبون الوحيَ (٣).

ثالثا: دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- له. كما استنبطه العلماءُ من الحديثِ الأولِ مع قولِه: "إنما أنا بشرٌ أرضى كما يرضى البشرُ، وأغضبُ كما يغضبُ البشرُ، فأيُّما أحدٍ دعوتُ عليه من أمتي بدعوةٍ ليس لها بأهلٍ أن تجعلها له طَهورًا، وزكاةً، وقُربَةً، وقد مر بيانُ هذا الوجهِ من هذا النصِّ، وفي هذا المعنى أحاديثُ منها:

منها حديثُ عبدِ الرحمنِ بنِ أبي عُمَيرَةَ، قال: قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لمعاويةَ -رضي الله عنه-: "اللهم اجعلْهُ هادِيًا مَهدِيًّا واهدِه واهدِ بِه". (٤)


(١) منهاج السنة (٤/ ٤٣٩).
(٢) أخرجه مسلم (٢٥٠١).
(٣) البداية والنهاية (٨/ ١١٩).
(٤) صحيح. أخرجه الترمذي (٣٨٤٢)، والبخاري في التاريخ الكبير (٥/ ٢٤٠)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (١١٢٩)، والطبراني في مسند الشاميين (٣٣٤) من طريق أبي مسهر. وأحمد (٤/ ٢١٦)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (١١٢٩) من طريق الوليد بن مسلم، كلاهما (أبو مسهر، والوليد) عن سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن عبد الرحمن بن أبي عميرة به. وهذا إسنادٌ صحيحٌ متصلٌ ورجالُه ثقاتٌ وهو على شرطِ مسلمٍ رحمه الله. وقد أثبت البخاري في التاريخ سماع عبد الرحمن من النبي -صلى الله عليه وسلم-.
قال الترمذي: حسن غريب، وقال الألباني في الصحيحة (١٩٦٩): صحيح.
ولكن طعن فيه بعضهم بأنَّ ابنَ عبدِ البر قال في عبدِ الرحمنِ: حديثُه مضطربٌ لا يثبتُ في الصحابةِ وهو شامي. اهـ من الاستيعاب لابن عبد البر ١/ ٢٥٥. ورد ذلك ابن حجر في الإصابة (٤/ ٣٨٢/ ٥١٨١) فقال: قال أبو حاتم، وابن السكن: له صحبة ذكره البخاري، وابن سعد، وابن البرقي، وابن حبان، وعبد الصمد بن سعيد في الصحابة ثم تعجب من كلام ابن عبد البر ونقل رد ابن فتحون عليه ثم قال: وفات ابن فتحون أن يقول: هب أن هذا الحديث الذي أشار إليه ابن عبد البر ظهرت له فيه علة الانقطاع، فما يصنع في بقية الأحاديث المصرحة بسماعه من النبي -صلى الله عليه وسلم- فما الذي يصحح الصحبة زائذا على هذا؟ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>