للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢١ - شبهة: الاختلاف في أشد الناس عذابًا.

[نص الشبهة]

عن عَبْدَ الله بن مسعود -رضي الله عنه- قَالَ سَمِعْتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ المصَوِّرُونَ". (١)، وفي رواية: "إِنَّ مِنْ أَشَدِّ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابًا المُصَوِّرُونَ". (٢)

وعن عائشة- رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ الله". (٣)

ويقول الله-عز وجل-: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٦].

والاعتراض هو: كيف يكون المصور أشد عذابًا من فرعون وآله وهم كفار، أما المصور فقد قال العلماء أنه إن يقصد بما يصوره المضاهاة لخلق الله أو أن يُعبد من دون الله فهو فاسق صاحب ذنب كبير، ولا يكفر كسائر المعاصي. (٤)

والجواب على ذلك من وجوه:

الوجه الأول: التفريق بين أن يَرِدَ هذا الوعيد في حق كافر وأن يَرِدَ في حق عاصٍ.

الوجه الثاني: إن أشد العذاب لمن قصد مضاهاة خلق الله واعتقد ذلك.

الوجه الثالث: أن الرواية الثانية للحديث جاء فيها: "من أشد الناس ... " بإثبات (من).

وإليك التفصيل،

الوجه الأول: التفريق بين أن يَرِدَ هذا الوعيد في حق كافر وأن يَرِدَ في حق عاصٍ.

قال ابن حجر: قال ابن رشد: إن الوعيد بهذه الصيغة إن ورد في حق كافر فلا إشكال فيه؛ لأنه يكون مشتركًا في ذلك مع آل فرعون ويكون فيه دلالة على عظم كفر المذكور، وإن ورد في حق عاص فيكون أشد عذابًا من غيره من العصاة ويكون ذلك دالًا على عظم


(١) البخاري (٥٩٥٠).
(٢) مسلم (٢١٠٩).
(٣) البخاري (٥٩٥٤)
(٤) شرح النووي ٧/ ٣٤٦، فتح الباري ١٠/ ٣٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>