للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالوا: هذا من أصحاب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - فاستأذناه أن نغسل رأسه فأذن لنا واستأنس بنا، فبينا نحن كذلك إذ أتاه نفر من أهل العراق، حسبته قال من أهل الكوفة، فقالوا: يا أبا ذر فعل ربك هذا الرجل وفعل فهل أنت ناصب لنا راية؟ فلنكمل برجال ما شئت. فقال: يا أهل الإسلام لا تعرضوا علي ذاكم ولا تذلوا السلطان فإنه من أذل السلطان فلا توبة له، والله لو أن عثمان صلبني على أطول خشبة أو أطول جبل لسمعت وأطعت وصبرت واحتسبت ورئيت أن ذاك خير لي، ولو سيرني ما بين الأفق إلى الأفق ... (١)

٣ - عن عبد الله بن سيدان السلمي قال: تناجى أبو ذر وعثمان حتى ارتفعت أصواتهما، ثم انصرف أبو ذر متبسمًا فقال له الناس: ما لك ولأمير المؤمنين؟ قال: سامع مطيع ولو أمرني أن آتي صنعاء أوعدن ثم استطعت أن أفعل لفعلت. وأمره عثمان أن يخرج إلى الربذة (٢).

[الوجه الثاني: أن أبا ذر إنما خرج من نفسه ولم يخرجه عثمان.]

والدليل علي ذلك: حديث عبد الله بن الصامت قال: دخلت مع أبي ذر في رهط من غفار على عثمان بن عفان من الباب الذي لا يدخل عليه منه، قال: وتخوفنا عثمان عليه، قال: فانتهى إليه فسلم عليه، قال: ثم ما بدأه بشيء إلا أن قال: أحسبتني منهم يا أمير المؤمنين؟ والله ما أنا منهم ولا أدركهم، لو أمرتني أن آخذ بعرقوبي قتب (٣) لأخذت بهما حتى أمرت. قال: ثم استأذنه إلى الربذة، قال فقال: نعم نأذن لك ونأمر لك بنعم من نعم الصدقة فتصيب من رسلها .. (٤).

[الوجه الثالث: موقفهم من مقتل عثمان - رضي الله عنه -]

لقد ثبت بما لا يدع مجالًا للشك براءة الصحابة من دم عثمان - رضي الله عنه - وعلى رأسهم عائشة-


(١) ضعيف أخرجه ابن سعد في الطبقات (٤/ ١٧١)، وإسناده فيه جماعة من المبهمين لم يُسموا، فالإسناد ضعيف.
(٢) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (٤/ ١٧٢) فيه عبد الله بن سيدان مجهول، وانظر التاريخ الكبير (٥/ ١١٠) الكامل لابن عدي (٤/ ٢٢٤)، الجرح والتعديل (٥/ ٦٨) الميزان (٢/ ٢٤٧).
(٣) عرقوب: الوتر الغليظ فوق عقب الإنسان.
قتب: الرحل لصغير على قدر سنام البعير.
(٤) صحيح. أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (٤/ ١٧٥)، وابن شبة في تاريخ المدينة (٣/ ١٠٣٦). من طريق سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال عنه به ورجاله ثقات وروى بعضهم عن بعض.

<<  <  ج: ص:  >  >>