للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومناسبة ضرب المثل بامرأة نوح وامرأة لوط دون غيرهما من قرابة الأنبياء نحو أبي إبراهيم وابن نوح، لأن ذكر هاتين المرأتين لم يتقدم، لتكون في ذكرهما فائدة مستجدة.

الوجه الرابع: المراد بالخيانة في قوله: {فَخَانَتَاهُمَا}.

قال ابن كثير: {فَخَانَتَاهُمَا} أي: في الإيمان، لم يوافقاهما على الإيمان، ولا صدَّقاهما في الرسالة، فلم يُجْد ذلك كلُّه شيئًا، ولا دفع عنهما محذورًا؛ ولهذا قال: {لَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} أي: لكفرهما، {وَقِيلَ} أي: للمرأتين: {ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} وليس المراد: {فَخَانَتَاهُمَا} في فاحشة، بل في الدين، فإن نساء الأنبياء معصوماتٌ عن الوقوع في الفاحشة لحرمة الأنبياء (١).

قال ابن عادل: قال القشيريُّ: وهذا إجماع من المفسرين أنما كانت خيانتهما في الدين، وكانتا مشركتين، وقيل: كانتا منافقتين، وقيل: خيانتهما النَّميمةُ إذا أوحى الله إليهما شيئًا أفشتاه إلى المشركين؛ قاله الضحاك، وقيل: كانت امرأة لوط إذا نزل به ضيف دخنت لتعلم قومها أنه قد نزل به ضيف لما كانوا عليه من إتيان الرجال (٢).

قال السعدي: {فَخَانَتَاهُمَا} في الدين؛ بأن كانتا على غير دين زوجيهما، وهذا هو المراد بالخيانة، لا خيانة النسب والفراش، فإنه ما بغت امرأة نبي قط، وما كان الله ليجعل امرأة أحد من أنبيائه بغيًا. (٣)

والدليل على صحة ما في القرآن: هو أن قابين لما قتل هابيل ولد حنوك ولد عيراد، وعيراد ولد محويائيل، ومحويائيل ولد متوشائيل، ومتوشائيل ولد لامك، ولامك ولد يابال الذي كان أبًا لساكني الخيام ورعاء المواشي، واسم أخيه يوبال الذي كان أبًا لكل ضارب بالعود والمزمار، واسم أخيه توبال قابين الضارب كل آلة من نحاس وحديد (تكوين: ٤).

قوله عن الثلاثة: الذي كان أبًا لساكني الخيام ورعاء المواشي - الذي كان أبًا لكل


(١) تفسير ابن كثير (٤/ ٥٢١).
(٢) تفسير اللباب (١٥/ ٣٦٦).
(٣) تفسير السعدي (٨٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>