للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَفْجُرَ لَنَا}، وقيل: آية كآية موسى وعيسى كالعصا واليد البيضاء، وإحياء الموتى، طلبوا ذلك على سبيل التعنت. (١)

وقال الشوكاني: قوله: {وَيَقُولُونَ} ذكر سبحانه ها هنا نوعًا رابعًا من مخازيهم، وهو معطوف على قوله: {وَيَعْبُدُونَ}، وجاء بالمضارع لاستحضار صورة ما قالوه. قيل: والقائلون هم أهل مكة، كأنهم لم يعتدّوا بما قد نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الآيات الباهرة، والمعجزات القاهرة التي لو لم يكن منها إلا القرآن لكفي به دليلًا بينًا ومصدّقًا قاطعًا: أي: هلا أنزلت عليه آية من الآيات التي نقترحها عليه، ونطلبها منه، كإحياء الأموات، وجعل الجبال ذهبًا، ونحو ذلك؟ ثم أمره الله سبحانه أن يجيب عنهم فقال: {فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ} أي: أن نزول الآية غيب، والله هو المختص بعلمه، المستأثر به، لا علم لي ولا لكم، ولا لسائر مخلوقاته {فَانْتَظِرُوا} نزول ما اقترحتموه من الآيات {إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ} لنزولها، وقيل: المعنى: انتظروا قضاء الله بيني وبينكم بإظهار الحق على الباطل. (٢)

[الوجه الثاني: لماذا كان هذا الجواب الذي خالف السؤال في ظاهره؟ .]

قال الفخر الرازي: في قوله تعالى: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (٢١)} [يونس: ٢١].

في الآية مسائل:

المسألة الأولى: اعلم أن القوم لما طلبوا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آية أخرى سوى القرآن، وأجاب الجواب الذي قررناه وهو قوله: {إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ} [يونس: ٢٠] ذكر جوابًا آخر وهو المذكور في هذه الآية، وتقريره من وجهين:

الوجه الأول: أنه تعالى بين في هذه الآية أن عادة هؤلاء الأقوام المكر، واللجاج،


(١) البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي (٥/ ١٣٩).
(٢) فتح القدير (٢/ ٦٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>