للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني: عثمان - رضي الله عنه - ما فعل هذا من رأيه مجردًا؛ بل استشار أولًا.

الوجه الثالث: لم ينكر عليه أحد في هذا العمل؛ بل قبلوه.

الوجه الرابع: استجابة الصحابة لعثمان - رضي الله عنه -

الوجه الخامس: عثمان - رضي الله عنه - من الخلفاء الراشدين فوجب اتباع سنته كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -.

الوجه السادس: مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ.

وإليك التفصيل

[الوجه الأول: أن عثمان - رضي الله عنه - حرق المصاحف الأخرى؛ لئلا يقع بسببها اختلاف]

بعد أن تم نسخ المصاحف العثمانية، أمر أمير المؤمنين عثمان بن عفان - رضي الله عنه - بإرسالها إلى الأقطار الإسلامية الشهيرة، وأرسل مع كل مصحف مقرئًا من الذين توافق قراءته في أغلبه قراءة أهل ذلك القطر، وذلك لأن التلقي أساس في قراءة القرآن، وأمر أن يحرق كل ما عداها من الصحف أو المصاحف الشخصية الموجودة لدى الصحابة مما تخالفها؛ ليستأصل بذلك سبب الخلاف والنزاع بين المسلمين في قراءة كتاب الله، فاستجاب لذلك الصحابة - رضي الله عنه -، فجمعت المصاحف والصحف وحرقت أو غسلت بالماء. (١)

ففي الحديث أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشام في فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلَافُهُمْ في الْقِرَاءَةِ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكْ هَذِهِ الأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا في الْكِتَابِ اخْتِلَافَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا في الْمَصَاحِفِ، ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ، فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ، فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَعَبْدَ الله بْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الحْارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَنَسَخُوهَا في الْمَصَاحِفِ، وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلَاثَةِ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ في شيء مِنَ الْقُرْآنِ، فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ، فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ في الْمَصَاحِفِ، رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ، وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا، وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنَ الْقُرْآنِ


(١) مناهل العرفان: ١/ ٢٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>