للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلقد كرمها ولم يرضَ لها أن تتزوج بواحد من عامة الناس، بل تزوجها هو لتكون سيدة تزوجت من سيد؛ حيث كانت ابنة سيد قومها.

[الوجه الرابع: عفة النبي - صلى الله عليه وسلم - وخشيته من ربه]

قد زكى الله خلق النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم: ٤)، وكان - صلى الله عليه وسلم - لا يُكره أحدًا على الدخول في الدين: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}، فكيف يُكرهها على الزواج منه وعن عمر بن أبي سلمة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أما والله إني لأتقاكم لله أخشاكم له". (١)

وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد علمتم أني أتقاكم لله وأصدقكم وأبركم". (٢)

[الوجه الخامس: سبب أسر صفية وقومها.]

كَانَتْ صفية زَوْجَة كِنَانَة بْن الرَّبِيع، وَهُوَ وَأَهْله مِنْ بَنِي أَبِي الْحَقِيق، كَانُوا صَالَحُوا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، وَشَرَطَ عَلَيْهِمْ أَلَّا يَكْتُمُوهُ كَنْزًا، فَإِنْ كَتَمُوهُ فَلَا ذِمَّة لَهُمْ. وَسأَلَهُمْ عَنْ كَنْز حُيَيّ بْن أَخْطَبَ فَكَتَمُوهُ، وَقَالُوا: أَذْهَبَتْهُ النَّفَقَات، ثُمَّ عَثَرَ عَلَيْهِ عِنْدهمْ، فَانْتَقَضَ عَهْدهمْ فَسَبَاهُمْ. (٣)

فصفية من سبيهم، فهي فيء لا يخمس، بل يفعل فيه الإمام ما رأى. (٤)

وليس في القصة الضعيفة أو الصحيحة ما يشير إلى أن النبي قتل زوج صفية.

وأما قولهم: إن بلالًا قاسي القلب؛ لأنه مرَّ بالمرأتين علي قتلى من اليهود؛ فقد أثبتنا ضعف القصة، وإن ثبتت فلعله لم يتعمد ذلك، وقد لامَهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، هذا على فرض ثبوت القصة لكنها واهية.

* * *


(١) مسلم (١١٠٨).
(٢) البخاري (٧٣٦٧)، مسلم (١٢١٦).
(٣) أخرجه أبو داود (٣٠٠٦)، وابن حبان (١١/ ٦٠٧)، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود (٢٥٩٧).
(٤) شرح النووي ٩/ ٢٣١، ٢٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>