للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أن المغفرة بمعنى ستر المسئول على سوء حالة السؤال.

الثاني: إنها مغفرة من السائل، والمعنى: مغفرة، وعفو من السائل إذا رُدّ وتعذر المسئول خير من أن ينال بنفسه صدقة يتبعها أذى.

الثالث: أنها مغفرة من الله تعالى، والمعنى مغفرة لكم من الله تعالى بسبب القول المعروف خير من صدقة يتبعها أذى.

قال النحاس: وهذا مشكل يبينه الإعراب (١)

أما كيفية بيان الإعراب لهذا الإشكال فيتضح فيما يلي:

- إن قلنا أن كلمة {وَمَغْفِرَةٌ} معطوفة على {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ} فإن المعنى الأول هو الصحيح، فإن المغفرة على هذا صادرة من المسئول.

- وإن قلنا إن كلمة "مغفرة" مبتدأ، فيتعين المصير إلى القول الثاني أو الثالث؛ لأنه لا وجه للابتداء إلا ذلك، إذا لو كان المراد أن المغفرة صادرة عن المسئول لقلنا بالعطف. (٢)

تاسعًا: الجمع بين الآيات بإعمال قواعد الترجيح:

فالجمع بين الآيات لا بد منه، ومن طرق الجمع: إعمال قواعد الترجيح، وهذا الترجيح ليس بين الآيات قطعًا، وإنما هو ترجيح بين أقوال المفسرين بحيث نختار القول الراجح، ونترك القول المرجوح. (٣)

وعلى العبد أن يوقن أنه لا تضاد بين آيات القرآن، ولا بين الأخبار النبوية، ولا بين أحدهما مع الآخر، بل الجميع جار على مهيع واحد، ومنتظم إلى معنى واحد، فإذا أراه بادئ الرأي إلى ظاهر اختلاف؛ فواجب عليه أن يعتقد انتفاء الاختلاف؛ لأن الله قد شهد له أن لا اختلاف فيه، فليقف وقوف المضطر السائل عن وجه الجمع، أو المسَلِّم من غير اعتراض" (٤)

* * *


(١) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٣/ ٣١٠.
(٢) مشكل القرآن (٣٨٦).
(٣) المصدر السابق (٣٩١).
(٤) الاعتصام للشاطبي (٢/ ٤٨١) بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>