للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوجه الثاني: الرسول الأمي في الكتاب المقدس]

عن عطا بن يسار قال: لقيتُ عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - فقلت: أخبرني عن صفات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التوراة، فقال: أجَل والله، إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن: يا أيها النبي إنّا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وحرزًا للأميين. أنت عبدي ورسولي، سمّيتك المتوكل، لا فظ ولا غليظ القلب ولا صخّاب في الأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يأخذه الله حتى يقيم به الملة العوجاء؛ بأن يقولوا لا إله إلا الله، يفتح بها أعينًا عميًا، وآذانًا صُمًا، وقلوبًا غُلفًا (١). وقد جاءت هذه النبوة في سفر إشعياء بالتوراة، ويرجع تاريخها إلى ٧٠٠ سنة قبل المسيح، و ١٣٠٠ سنة قبل محمد - صلى الله عليه وسلم - (على قول النصارى).

وتقول: هُوَذَا عَبْدِي الذِي أَعْضُدُهُ، مُخْتَارِي الذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الحَقَّ لِلْأُمَمِ. لَا يَصِيحُ وَلَا يَرْفَعُ وَلَا يُسْمِعُ فِي الشَّارِعِ صَوْتَهُ. قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لَا يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً خَامِدَةً لَا يُطْفِئُ، أَنَا الرَّبَّ قَدْ دَعَوْتُكَ بِالبِرِّ، فَأُمْسِكُ بِيَدِكَ وَأَحْفَظُكَ وَأَجْعَلُكَ عَهْدًا لِلشَّعْبِ وَنُورًا لِلْأُمَمِ، لِتَفْتَحَ عُيُونَ العُمْيِ، لِتُخْرِجَ مِنَ الحبْسِ المَأْسُورِينَ، مِنْ بَيْتِ السِّجْنِ الجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ (إشعياء ٤٢: ١ - ٣ و ٦ و ٧).

قال النصارى: ولما كان عندنا شاهدان: نبوة إشعياء التوراتية، وكلمات الحديث، وهما متوافقان، ندرك أن نبوة إشعياء لم تتحرف. وقد أعلن الإنجيل أن النبوة تحققت في المسيح، فهو الذي لم يكن صخّابًا، وهو الذي عفا وغفر، وهو الذي فتح عيون العمى (متى ١٢: ١٨ - ٢١).

قلت: ولكن لم يبعث لجميع الأمم: كما في النص السابق (فَيُخْرِجُ الحَقَّ لِلْأُمَمِ).

وهل لفظ الأمم يفيد الأمميِّن؟ .

* * *


(١) السيرة النبوية لابن كثير صـ ٣٢٧، والحديث رواه البخاري (٢٠١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>