للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتمثل هذا النوع من الإرهاب في فرض الحصار الاقتصادي على بلد ما بغية إجباره على الإذعان للدولة القوية وقبول شروطها أو إملاءاتها، أو اللعب بميزان المدفوعات أو دفع الحكومات لطلب قرض مالي مشروط يجبر الموقعين على مثل هذه القروض على اتخاذ مواقف سياسية تتماشى ومصالح رأس المالي (١) حتى تتكرس التبعية الاقتصادية والمالية للبلد الموقع، ويصبح رهينة للدول المانحة، ومع الزمن تتحول المرافق الحيوية الموجودة في البلد ملكًا خالصًا لتلك الدولة الغريبة عن طريق الأسهم كما كانت عليه حال قناة السويس قبل التأميم، وكثير من الشركات البترولية والمعدنية والغذائية والكسائية في العالم، حيث إن الشركات (صاحبة الامتيازات) تستولى على خيرات البلاد تحت طائلة التطوير أو الاستثمار، وهي في الحقيقة تمارس أقصى أنواع النهب، الذي لا يترك خلفه سوى التبعية والتخلف، ويجر إلى إلحاق البلد اقتصاديًّا بالدولة المانحة، لتصير سوقًا استهلاكيًّا لمنتجاتها، ومصدرًا للحصول على الخامات والأيدي العاملة الرخيصة.

[ج - الإرهاب الفكري]

ويتمثل الإرهاب الفكري في مصادرة حريات الآخرين في قول آرائهم أو التعبير عنها، سواء من خلال الإعلام، صحافة وإذاعة وتلفازًا أو منعهم من نشر كتبهم وأبحاثهم، أو مشاركاتهم في المؤتمرات والندوات أو تأسيس الأحز اب أو الجمعيات، وكل ما له شأن من قريب أو بعيد بموضوعات الفكر أو الثقافة.

ولا يكتفي الإرهاب الفكري بمحاولة تجميد فكر الآخرين من خلال الإجراءات السابقة، بل إنه يكرس كل وسائل الإعلام المتاحة لديه، وكل العقول والأدمغة ووسائل البحث الحديثة: كي يهاجم الأفكار الأخرى واضعًا فيها كل المفاسد، فالمهم أن يهدمها ويهزمها، بأية وسيلة كانت، ومن هنا كان التزوير وتلفيق المعلومات أسلوبًا مباحًا عند


(١) الإرهاب الدولي بين الواقع والتشويه.

<<  <  ج: ص:  >  >>