هذا وذاك تضيع المسؤولية الفردية التي بها يحس الإنسان أنه مسئول عن أعماله فقط صغيرها وكبيرها، وليس مسئولًا عن عمل غيره بتاتًا.
ويترتب على هذا أمران خطيران:
الأول: أن الإنسان غيُر طاهر القلب والنفس بسبب الخطيئة.
الثاني: أنه مادام غيره مسئولًا عن ذنوبه فلن يبالي بهذه الذنوب.
[٢ - عند البراهمة والبوذيين والجينيين]
وهؤلاء عندهم عقيدةٌ غريبةٌ جدًّا ألا وهي عقيدة "تناسخ الأرواح" وخلاصة هذه العقيدة هي أن الروح بعدما تفارق الجسد في هذه الدنيا فإنها تنتقل إلى جسد آخر في هذه الدنيا نفسها، ولا يكون هذا الجسد الثاني إلا متفقًا مع الحياة التي كان قد سار بها الجسد الأول.
فإن كانت أعمالُه وأفكاره، وميولُه، وعواطفُه سيئةً، فإنَّ رُوحَهُ سوف تنتقل إلى طبقة مبتذلة من طبقات الحيوانات أو النباتات. وأما إن كانت أعماله وأفكاره وميوله صالحةً، فإن روحه سترتقي إلى طبقة من الطبقات العليا.
فهذه العقيدة مقتضاها أنني أنا الإنسان الحالي، تنبع إنسانيتي من سلوك غيري، وحصيلة لسلسلة طويلة من أعمال المخلوقات قبلي، وهذه المخلوقات السابقة عليَّ، هي أنا وأنا بأعمالي الحاضرة سأكون بالتالي نباتًا أو حيوانًا أو إنسانًا، فماذا ينتج عن هذه العقيدة أيضًا؟
ينتج عنها أمران:
١ - سينتج عنها شعور لدى الإنسان بأن الحيوان والنبات والإنسان سواءٌ في ميزان الوجود؛ إذ الحيوان كان إنسانًا والنبات كان حيوانًا، ويترتب على هذا أنه لا يجوز إيذاء الحيوان ولا النبات ولا الإنسان حتى ولو آذاني الإنسان، مما ينتج عن هذا بالطبع تشتُّتٌ شديد بين هذا وذاك.
٢ - كما ينتج عن هذه العقيدة رهبانية مميتة عمليًّا؛ إذ إن أهل هذه العقيدة يعتقدون أن الشهوة هي أصل كل فساد في الأرض، وهي التي تلوِّث الروح بالذنوب والآثام، . . .،