للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنها قد أُتبعت بكلمة (أكثر)، ونرى أن كلمة أدنى تُستخدم هنا مع الأعداد (١).

قال الشوكاني: في قوله تعالى: {وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ} أي: ولا أقلَّ من العدد المذكور: كالواحد والاثنين، ولا أكثر منه كالستة والسبعة إلَّا هو معهم يعلم ما يتناجون به لا يخفى عليه منه شيء.

[كيف نفهم الآية؟]

إذن من معاني كلمة (أدنى) لدينا: الأقل، والأصغر، والأقرب، فما هي المنطقة على سطح الكرة الأرضية والتي تتصف بهذه الصفات الثلاث؟ إنها منطقة البحر الميت، فهي:

١ - الأقرب: حيث هي أقرب أرض الروم إلى أرض العرب.

٢ - الأصغر: فهذه المنطقة مساحتها صغيرة جدًا ولا تتجاوز الكيلو مترات المعدودة، وذلك مقارنة بمساحة سطح الأرض والتي تزيد على ملايين الكيلو مترات المربعة.

٣ - الأقلّ: فهذه المنطقة هي الأقل ارتفاعًا على سطح اليابسة، فهي تنخفض عن سطح البحر بمقدار (٤٠٠) مترًا تقريبًا، ولا يوجد في العالم كله أدنى من هذه النقطة إلا ما نجده في أعماق المحيطات.

ولذلك فإن فهمنا لهذه الآية على هذا النحو لا يتعارض مع القرآن وكذلك لا يتعارض مع معطيات العلم، ثم إنهم يعترضون على أن كلمة (أدنى) تفسرها المعاجم اللغوية على أنها (أقرب)، وأن هذه المعاجم لم تورد كلمة (أخفض) ضمن معاني الكلمة.

خامسًا: ولكننا نجد المعاجم تورد معنى الأسفل أو الوادي ضمن معاني هذه الكلمة، فعلى سبيل المثال: لدينا في القاموس المحيط في معنى كلمة (دنا): تقول العرب: الأدنيان وهما واديان (٢).

وفي لسان العرب: والأَدْنَى: السَّفِلُ، فالعرب لا تستغرب أن يكون ضمن معاني هذه الكلمة هو الأسفل أو الوادي. ويقال: دَنَا وأَدْنَى ودَنَّى إِذا قَرُبَ، قال: وأَدْنى إِذا عاش


(١) فتح القدير للإمام الشوكاني (٥/ ٢٦٣).
(٢) انظر القاموس المحيط في معنى كلمة (دنا): وقوله: (والأَدْنَيانِ: وادِيانِ).

<<  <  ج: ص:  >  >>