للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند الشافعية: إيلاج قدر الحشفة من الذكر في فرج محرم يشتهي طبعًا لا شبهة فيه (١).

وعند المالكية: وطء مكلف مسلم فرج آدمي لا ملك له فيه باتفاق تعمدًا (٢).

وعند الظاهرية: من وطئ من لا يحل له النظر إلى مجردها وهو عالم بالتحريم فهذا هو العاهر الزاني (٣).

فالشَّرْعَ لَمْ يَخُصَّ اسْمَ الزِّنَا بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ مِنْهُ بَلْ هُوَ أَعَمُّ، وَالْمُوجِبُ لِلْحَدِّ مِنْهُ بَعْضُ أَنْوَاعِهِ، وَلِذَا قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ" (٤)، وَلَوْ وَطِئَ رَجُلٌ جَارِيَةَ ابْنِهِ لَا يحدُّ لِلزِّنَا وَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ بِالزِّنَا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ فِعْلَهُ زِنًا، وَإِنْ كَانَ لَا يُحَدُّ بِهِ (٥).

لذلك فإن حد الزنا الذي يُحد به صاحبه له ضوابط وشروط سنوضحها إن شاء اللَّه.

[٣ - أدلة تحريم الزنا، وإثبات حده.]

أولًا: من القرآن: قال تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} (الإسراء: ٣٢)، وقال تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (النور: ٢)، وقال أيضًا: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} (النور: ٣)، وقال: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (الفرقان: ٦٨: ٦٩)، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ


(١) روضة الطالبين ٧/ ٣٠٥.
(٢) الخرشي على مختصر خليل ٨/ ٧٥.
(٣) المحلى لابن حزم ١١/ ٢٢٩.
(٤) أخرجه البخاري (٦٢٤٣)، مسلم (٢٦٥٧).
(٥) شرح فتح القدير ٥/ ٢٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>