من النصارى والمشركين، فقال تعالى: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧)} (آل عمران: ٦٧)، وبين سبحانه أن أولى النالس به هم المسلمون، ونبيهم سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقال سبحانه: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (٦٨)} (آل عمران: ٦٨).
ومن باب تعلق اليهود بالخليل عليه السلام وزعمهم الاستئثار بميراثه الروحي دون غيرهم من ذريته، أنهم اعتقدوا أن إسحاق عليه السلام هو الوريث الوحيد الذي لا ينازع ولا يشاركه أحد في ميراث أبيه الديني، فأسقطوا عن إسماعيل عليه السلام البكورية ثم طعنوا فيه وفي أمه.
وانطلاقًا من هذا المبدأ، زعموا أن إسحاق هو المأمور بذبحه من الله، فاستحق الشرف ونال الفضل هو وذريته من بني إسرائيل، ونزعوا هذا الفضل وهذا الشرف من إسماعيل عليه السلام وذريته من العرب والمسلمين الذين هم أولى الناس بها.
[٣ - أن اليهود لم يبالغوا في كتمان أمر مثل مبالغتهم في ذلك]
فإنهم قد ارتكبوا تحريفات وأكاذيب صريحة في أمر إسماعيل عليه السلام والكعبة، وقد بين الله قصة هذا الذبح في التوراة، ولكن اليهود قد دسوا فيها أهواءهم، فأصلحها القرآن.
ومن ذلك أمران مهمان:
الأول: أن صحفهم التي بأيديهم تقول: إن الله تعالى أمر إبراهيم عليه السلام بصريح القول أن يذبح ولده، وإنما رأى إبراهيم عليه السلام في الرؤيا أنه يذبح ولده. وذلك مما يدل على أن القرآن أرفع من أن يأخذ من اليهود وكتبهم المحرفة، بل هو المهيمن عليها، والمصلح لما أفسدوا فيها.
الثاني: أنهم في ذكر الذبيح أقحموا اسم إسحاق عليه السلام، وهذا من أشنع تحريفاتهم.
[٤ - أنه قد درج الكثيرون من الباحثين على أن يشيروا إلى الخلاف في قصة الذبيح بين اليهود والمسلمين فقط، متغافلين عن موقف النصارى من هذه القصة.]
فالنصارى - كما سيتبين لنا من خلال البحث إن شاء الله - قد تابعوا اليهود على أن الذبيح هو إسحاق، حيث اعتبروا ذلك فرصة سانحة لهم تصيدوها للربط بين حادث الذبيح وحادث الصلب والفداء، هذه القصة التي أبطلها القرآن، ونفاها نفيًا قاطعًا. فلو