للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يستعمل فيما تحت يده في كل موضع أصلح من يقدر عليه ولا يقدم الرجل لكونه طلب الولاية أو سبق في الطلب بل ذلك سبب المنع فإن في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أن قومًا دخلوا عليه فسألوه ولاية فقال: إنا لا نولي أمرنا هذا من طلبه". (١) وقال - صلى الله عليه وسلم - لعبد الرحمن بن سمرة: "يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها". (٢)

فإن عدل عن الأحق الأصلح إلى غيره لأجل قرابة بينهما أو ولاء عتاقة أو صداقه أو غير ذلك من الأسباب أو لضغن في قلبه على الأحق أو عداوة بينهما فقد خان الله ورسوله والمؤمنين ودخل فيما نهي عنه في قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٧) ثم قال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٨)} [الأنفال: ٢٧ - ٢٨]، فإن الرجل لحبه لولده أو لعتيقه قد يؤثره في بعض الولايات أو يعطيه ما لا يستحقه فيكون قد خان أمانته كذلك قد يؤثره زيادة في ماله أو حفظه بأخذ ما لا يستحقه أو محاباة من يداهنه في بعض الولايات فيكون قد خان الله ورسوله وخان أمانته. (٣)

ومن الحقوق الواجبة على الراعي تجاه الرعية (اختيار الأمثل فالأمثل): إذا كان في غير وجود الحاكم من هو صالح لتلك الولاية فيختار الأمثل فالأمثل في كل منصب بحسبه وإذا فعل ذلك بعد الاجتهاد التام وأخذه للولاية بحقها فقد أدى الأمانة وقام بالواجب في هذا وصار في هذا الموضع من أئمة العدل والمقسطين عند الله وإن إختل بعض الأمور بسبب من غيره إذا لم يكن إلا ذلك فإن الله يقول {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]. ويقول: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦]، وقال في


(١) أخرجه البخاري (٦٧٣٠)، ومسلم (١٧٣٣).
(٢) أخرجه البخاري (٦٧٢٨)، ومسلم (١٦٥٢).
(٣) السياسة الشرعية صـ ١٣ - ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>