للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصيحات من الهول كما قال: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ} [القمر: ٣١]، والطغيان: هو مجاوزة الحد، ومنه {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ} [الحاقة: ١١] أي: جاوز الحد (١).

فعلى هذا القول الطاغية نعت محذوف، واختلفوا في ذلك المحذوف فقال: بعضهم: إنها الصيحة المجاوزة في القوة والشدة للصيحات، وقال بعضهم: إنها الرجفة، وقال آخرون: إنها الصاعقة (٢).

الوجه الثاني: (الطاغية) عاقر الناقة، والتاء فيه للمبالغة كرجل راوية وأهلكوا كلهم لرضاهم بفعله. (٣)

والمعنى: أن الطاغية: الفرقة التي طغت من جملة ثمود فتآمروا بعقر الناقة فعقروها، أي: أهلكوا بشؤم فرقتهم الطاغية، ذلك الرجل الواحد الذي أقدم على عقر ناقة وأهلك الجميع لأنهم رضوا بفعله، وقيل: له طاغية كما يقول: فلان راوية الشعر وداهية وعلامة (٤).

الوجه الثالث: {فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (٥)}.

أي: بطغيانهم وكفرهم (٥)، أي: فأهلكوا بالطغيان، فهي مصدر كالكاذبة والعاقبة والعافية: أي أهلكوا بطغيانهم وكفرهم. (٦)

الوجه الرابع: قوله تعالى: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (١٣)}

أي: قل لهم: أنذرتكم أيها الناس صاعقة تهلككم مثل صاعقة عاد وثمود وقد بينا فيما مضى أن معنى الصاعقة: كل ما أفسد الشيء وغيره عن هيئته. . (٧)

فيكون المعنى: أي: هلاكًا مثل هلاكهم، والصاعقة المهلكة من كل شيء. (٨)


(١) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٨ - ٢٤٧).
(٢) التفسير الكبير للرازي (٣٠/ ١٠٣)، وانظر معاني القرآن للزجاج (٥/ ٢١٣).
(٣) البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٣١٦).
(٤) التفسير الكبير للرازي (٣٠/ ١٠٣)، وتهذيب اللغة (الأزهري) (٨/ ١٦٧)، ومعالم التنزيل للبغوي (٤/ ٣٨٦)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٨/ ٢٤٧).
(٥) معالم التنزيل (٤/ ٣٨٦).
(٦) الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ٢١٣)، وانظر التفسير الكبير (٣٠/ ١٠٣)، ومعاني القرآن للزجاج (٥/ ٢١٣).
(٧) تفسير الطبري (٢٤/ ١٠٩)، تفسير القرطبي (١٥/ ٣٣١)، والبحر المحيط (٧/ ٤٦٨).
(٨) تفسير البغوي (٤/ ١٠٩)، وانظر زاد المسير (٧/ ٢٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>