إن هذا وضع فيه اجهاد للمرأة، ولعلهم ينتظرونها خلف بعض ليقعوا عليها، ولعلها لا تحتمل ذلك فماذا تصنع هل تقسم لهم؟ !
[الوجه العاشر]
لا أدري كيف يستقيم حال امرأة فيها شركاء متشاكسون، يقتل بعضهم بعضًا لأجلها وكيف يُربى الأبناء في هذا البيت؟
[الوجه الحادي عشر]
هذا الأمر لا وجود له في نص سماوي أو في أي كتاب سماوي، ولا فعله نبي من الأنبياء، ولا صاحب نبي، ولا تابع للنبي، بخلاف تعدد الزوجات، فقد كثر واشتهر في الكتب السماوية وعن أنبياء اللَّه تعالى. (١)
قال ابن القيم: فإن قيل كيف روعي جانب الرجل وأطلق له العنان أن يسيم طرفه ويقضي وطره، ويتنقل من واحدة إلى واحدة بحسب شهوته وحاجته، داعي المرأة داعية وشهوتها شهوته؟ قيل: لما كانت المرأة من عادتها أن تكون مخَّبأة من وراء الخدور، ومحجوبة في بيتها، وكان مزاجها أبرد من مزاج الرجل، وحركتها الظاهرة والباطنة أقل من حركته، كان الرجل قد أعطي من القوة والحرارة التي هي سلطان الشهوة أكثر مما أعطيته المرأة، وبلي بما لم تبل به، أطلق له عدد من المنكوحات ما لم يطلق للمرأة، وهذا مما خص اللَّه به الرجال وفضلهم به على النساء، كما فضلهم عليهن بالرسالة والنبوة والملك والإمارات وولاية الحكم والجهاد وغير ذلك، وجعل الرجال قوامين على النساء ساعين في مصالحهن يدأبون في أسباب معيشتهن، ويركبون الأخطار، ويجوبون القفار، ويعرضون أنفسهم لكل بلية ومحنة في مصالح الزوجات، والرب تعالى شكور حليم متشكر لهم ذلك، وجبرهم بأن مكنهم مما لم يمكن منه الزوجات، وأنت إذا قايست بين تعب الرجال وشقائهم وكدهم ونصبهم في مصالح النساء وبين ما ابتلي به النساء من الغيرة وجدت حظ الرجال من تحمل الغيرة فهذا من كمال عدل اللَّه
(١) مكانة المرأة بين الإسلام والقوانين الأخرى (١٩٣٠).