للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢)} [المؤمنون: ١٢] يعني آدم، ثم قال: {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً} [المؤمنون: ١٣] أي ابن آدم، لان آدم لم يجعل نطفة في قرار مكين، لكن لما ذكر الإنسان وهو آدم دل على إنسان مثله، وعرف ذلك بقرينة الحال، فالمعنى: وإن تسألوا عن أشياء حين ينزل القرآن من تحليل أو تحريم أو حكم، أو مست حاجتكم إلى التفسير، فإذا سألتم فحينئذ تبد لكم، فقد أباح هذا النوع من السؤال. (١)

[٢ - النهي عن السؤال فيما لم ينزل فيه وحي وإذا نزل وحي بأمر أبيح لنا أن نسأل وأن نتبين من هذا الأمر ما نحتاج إليه.]

قال الطبري: يقول تعالى ذكره للذين نهاهم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، عن مسألة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما نهاهم عن مسألتهم إياه عنه من فرائض لم يفرضها الله عليهم، وتحليل أمور لم يحلها لهم، وتحريم أشياء لم يحرمها عليهم قبل نزول القرآن بذلك، أيها المؤمنون السائلون عما سألوا عنه رسولي، مما لم أنزل به كتابًا أو وحيًا؛ لا تسألوا عنه: فإنكم إن أظهر ذلك لكم تبيانًا بوحي وتنزيل ساءكم؛ لأن التنزيل بذلك إذا جاءكم إنما يجئكم بما فيه امتحانكم واختباركم، إما بإيجاب عمل عليكم ولزوم فرض لكم؛ وفي ذلك عليكم مشقة ولزوم مؤنة وكلفة، وإما بتحريم ما لو لم يأتكم بتحريمه وحي كنتم من التقديم عليه فسحة وسعة، وإما ما بتحليل ما تعتقدون تحريمه، وفي ذلك لكم مساءة لنقلكم عما كنتم ترونه حقًّا، إلى ما كنتم ترونه باطلًا، ولكنكم إن سألتم عنها بعد نزول القرآن بها، وبعد ابتدائكم ببيان أمرها في كتابي إلى رسولي إليكم، ليسَّر عليكم ما أنزلته إليه من بيان كتابي، وتأويل تنزيلي ووحيي (٢).

٣ - إلا أنهما في كون كل واحد منهما مسئولًا عنه شىء واحد، فلهذا الوجه حسن اتحاد الضمير، وإن كانا في الحقيقة نوعين مختلفين. (٣)

أما عن قولهم إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - لما رأى أن أصحابه بدأوا يسألونه أسئلة لا يجد لها جوابًا، خشي من ذلك فقال إن الله أنزل هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ


(١) تفسير القرطبي (٦/ ٣١٣).
(٢) تفسير الطبري (٧/ ٨٤: ٨٥) بتصرف.
(٣) تفسير الرازي (١١/ ١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>