- عليه السلام -، وسترى أيضًا أن صدقها في حق محمد - صلى الله عليه وسلم - أليق من صدقها في حق عيسى - عليه السلام -، فادّعاؤنا أحق من ادّعائهم. (١)
[القاعدة السادسة: وجود البشارات وعدمها سواء]
إن وجود البشارات وعدمها في الكتب المشار إليها آنفًا سواء، وجودها مثل عدمها، وعدمها مثل وجودها. فرسالة رسول الإسلام - صلى الله عليه وسلم - ليست في حاجة إلى دليل يقام عليها من خارجها، بحيث إذا لم يوجد ذلك الدليل "الخارجي" بطلت - لا سمح الله - تلك الرسالة؛ فهي رسالة دليلها فيها، ووجود البشارات بها في كتب متقدمة - زمنًا - عليها لا يضيف إليها جديدًا، وعدم وجود تلك البشارات لا ينال منها شيئًا قطّ.
فهي حقيقة قائمة بذاتها لها سلطانها الغني عما سواها. ودليلها قائم خالد صالح للفحص في كل زمان ومكان، باق بقاء رسالته أبد الدهر، أشرق ولم يغب، ظهر ولم يختف، قوي ولم يضعف. علا ولم يهبط، إنه دليل صدق الأنبياء كلهم. فكل الأنبياء مضوا ولم يبق من أدلة صدقهم إلا ما جاء في هذا الدليل "القرآن العظيم" حيث شهد لهم بالصدق والوفاء وأنهم رسل الله المكرمون.
فلا يظنن أحدٌ أننا حين نتحدث عن بشارات الكتب السابقة برسول الإسلام إنما نتلمس أدلّة نحن في حاجة إليها لإثبات صدق رسول الإسلام في دعواه الرسالة. فرسول الإسلام ليس في حاجة إلى "تلك البشارات" حتى ولو سلّم لنا الخصوم بوجودها فله من أدلة الصدق ما لم يحظَ به رسولٌ غيره.
أولًا: بشارات التوراة:
تعددت البشارات برسول الإسلام في التوراة وملحقاتها، ولكن اليهود أزالوا عنها كل معنى صريح، وصيروها نصوصًا احتمالية تسمح لهم بصرفها عنه - صلى الله عليه وسلم - ومع هذا فقد